صفحة جزء
[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم سئل شيخ الإسلام رحمه الله ورضي عنه عن العمرة هل هي واجبة ؟ وإن كان فما الدليل عليه ؟


فأجاب : فصل والعمرة في وجوبها قولان للعلماء هما قولان في مذهب الشافعي وأحمد والمشهور عنهما وجوبها . والقول الآخر لا تجب وهو مذهب أبي حنيفة ومالك .

وهذا القول أرجح فإن الله إنما أوجب الحج بقوله : { ولله على الناس حج البيت } لم يوجب العمرة وإنما أوجب إتمامهما . فأوجب إتمامهما لمن شرع فيهما وفي الابتداء إنما أوجب الحج .

وهكذا سائر الأحاديث الصحيحة ليس فيها إلا إيجاب الحج ولأن العمرة ليس فيها جنس غير ما في الحج فإنها إحرام وإحلال وطواف بالبيت وبين [ ص: 6 ] الصفا والمروة وهذا كله داخل في الحج . وإذا كان كذلك فأفعال الحج لم يفرض الله منها شيئا مرتين فلم يفرض وقتين ولا طوافين ولا سعيين ولا فرض الحج مرتين .

وطواف الوداع ليس بركن بل هو واجب وليس هو من تمام الحج ولكن كل من خرج من مكة عليه أن يودع . ولهذا من أقام بمكة لا يودع على الصحيح فوجوبه ليكون آخر عهد الخارج بالبيت كما وجب الدخول بالإحرام في أحد قولي العلماء لسبب عارض لا كون ذلك واجبا بالإسلام كوجوب الحج .

ولأن الصحابة المقيمين بمكة لم يكونوا يعتمرون بمكة . لا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا على عهد خلفائه بل لم يعتمر أحد عمرة بمكة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا عائشة وحدها لسبب عارض . وقد بسطنا الكلام على ذلك في غير هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية