صفحة جزء
وسئل عن الألقاب المتواطأ عليها بين الناس ؟


فأجاب : وأما الألقاب فكانت عادة السلف الأسماء والكنى فإذا كنوه بأبي فلان تارة يكنون الرجل بولده كما يكنون من لا ولد له إما بالإضافة إلى اسمه أو اسم أبيه أو ابن سميه أو بأمر له تعلق به كما كنى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بابن أختها عبد الله وكما يكنون داود أبا سليمان لكونه باسم داود عليه السلام الذي اسم ولده سليمان وكذلك كنية إبراهيم أبو إسحاق وكما كنوا عبد الله بن عباس أبا العباس وكما كنى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة باسم هريرة كانت معه . وكان الأمر على ذلك في القرون الثلاثة فلما غلبت دولة الأعاجم لبني أمية صاروا .

ثم بعد هذا أحدثوا الإضافة إلى الدين وتوسعوا في هذا ولا ريب أن الذي يصلح مع الإمكان : هو ما كان السلف يعتادونه من [ ص: 312 ] المخاطبات والكنايات فمن أمكنه ذلك فلا يعدل عنه إن اضطر إلى المخاطبة لا سيما وقد نهى عن الأسماء التي فيها تزكية كما غير النبي صلى الله عليه وسلم برة فسماها زينب ; لئلا تزكي نفسها والكناية عنه بهذه الأسماء المحدثة خوفا من تولد شر إذا عدل عنها فليقتصر على مقدار الحاجة ولقبوا بذلك لأنه علم محض لا تلمح فيه الصفة بمنزلة الأعلام المنقولة مثل أسد وكلب وثور .

ولا ريب أن هذه المحدثات التي أحدثها الأعاجم وصاروا يزيدون فيها فيقولون : عز الملة والدين وعز الملة والحق والدين وأكثر ما يدخل في ذلك من الكذب المبين بحيث يكون المنعوت بذلك أحق بضد ذلك الوصف والذين يقصدون هذه الأمور فخرا وخيلاء يعاقبهم الله بنقيض قصدهم فيذلهم ويسلط عليهم عدوهم .

والذين يتقون الله ويقومون بما أمرهم به من عبادته وطاعته يعزهم وينصرهم . كما قال تعالى : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } وقال تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون } والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية