صفحة جزء
فصل وولاة الأمر أحق الناس بنصر دين الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى ودين الحق و [ بإنكار ] ما نهى عنه وما نسب إليه بالباطل من الكذب والبدع . إما جهلا من ناقله وإما عمدا فإن أصل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ورأس المعروف هو التوحيد ورأس المنكر هو الشرك . وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق . به فرق الله بين التوحيد والشرك وبين الحق والباطل وبين الهدى والضلال وبين الرشاد والغي وبين المعروف والمنكر . فمن أراد أن يأمر بما نهى عنه وينهى عما أمر به ويغير شريعته ودينه إما جهلا وقلة علم وإما لغرض وهوى كان السلطان أحق بمنعه بما أمر الله به ورسوله . وكان هو أحق [ ص: 443 ] بإظهار ما جاء به الرسول من الهدى ودين الحق . فإن الله سبحانه لا بد أن ينصر رسوله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد . فمن كان النصر على يديه كان له سعادة الدنيا والآخرة وإلا جعل الله النصر على يد غيره وجازى كل قوم بعملهم وما ربك بظلام للعبيد .

والله سبحانه قد وعد أنه لا يزال [ هذا الدين ظاهرا ولا يظهر ] إلا بالحق وأنه من نكل عن القيام بالحق استبدل من يقوم بالحق فقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير } وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } وقد أرى الله الناس في أنفسهم والآفاق ما علموا به تصديق ما أخبر به تحقيقا لقوله تعالى { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } والله أعلم والحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية