صفحة جزء
[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم سئل شيخ الإسلام أحمد بن تيمية قدس الله روحه عن الحديث وهو : { حرس ليلة على ساحل البحر أفضل من عمل رجل في أهله ألف سنة } وعن سكنى مكة والبيت المقدس والمدينة المنورة على نية العبادة والانقطاع إلى الله تعالى . والسكنى بدمياط وإسكندرية وطرابلس على نية الرباط : أيهم أفضل ؟


فأجاب : الحمد لله . بل المقام في ثغور المسلمين كالثغور الشامية والمصرية أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة وما أعلم في هذا نزاعا بين أهل العلم وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة ; وذلك لأن الربط من جنس الجهاد والمجاورة غايتها أن تكون من جنس الحج ; كما قال تعالى : { أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله } .

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { سئل : أي [ ص: 6 ] الأعمال أفضل : قال : إيمان بالله ورسوله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : ثم جهاد في سبيله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : ثم حج مبرور } . وقد روي : " { غزوة في سبيل الله أفضل من سبعين حجة } " وقد روى مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا مات مجاهدا وأجري عليه رزقه من الجنة وأمن الفتان } . وفي السنن عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل } " : وهذا قاله عثمان على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر أنه قال لهم ذلك تبليغا للسنة .

وقال أبو هريرة : لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود .

وفضائل الرباط والحرس في سبيل الله كثيرة لا تسعها هذه الورقة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية