صفحة جزء
[ ص: 253 ] سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم - { إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة } الحديث . فإذا كان الهم سرا بين العبد وبين ربه فكيف تطلع الملائكة عليه ؟ .


فأجاب : - الحمد لله : قد روي عن سفيان بن عيينة في جواب هذه المسألة قال : { إنه إذا هم بحسنة شم الملك رائحة طيبة وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة } . والتحقيق : أن الله قادر أن يعلم الملائكة بما في نفس العبد كيف شاء كما هو قادر على أن يطلع بعض البشر على ما في الإنسان . فإذا كان بعض البشر قد يجعل الله له من الكشف ما يعلم به أحيانا ما في قلب الإنسان : فالملك الموكل بالعبد أولى بأن يعرفه الله ذلك .

وقد قيل في قوله تعالى { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } أن المراد به الملائكة : والله قد جعل الملائكة تلقي في نفس العبد الخواطر كما قال عبد الله بن مسعود : " إن للملك لمة [ وللشيطان لمة ] فلمة الملك تصديق بالحق ووعد [ ص: 254 ] بالخير ولمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر " . وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : { ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وأنا إلا أن الله قد أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير } . فالسيئة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان : علم بها الشيطان . والحسنة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك : علم بها الملك أيضا بطريق الأولى وإذا علم بها هذا الملك : أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية