صفحة جزء
[ ص: 457 ] وسئل عن الفلوس وبيع بعضها ببعض متفاضلا وصرفها بالدراهم من غير تقابض في الحال ودافع الدرهم يأخذ ببعضه فلوسا وببعضه قطعة من فضة .


فأجاب : إذا دفع الدرهم فقال : أعطني بنصفه فضة وبنصفه فلوسا . وكذلك لو قال : أعطني بوزن هذه الدراهم الثقيلة أنصافا أو دراهم خفافا ; فإنه يجوز سواء كانت مغشوشة أو خالصة .

ومن الفقهاء من يكره ذلك ويجعله من باب " مد عجوة " لكونه باع فضة ونحاسا بفضة ونحاس .

وأصل مسألة " مد عجوة " أن يبيع مالا ربويا بجنسه ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسهما فإن للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال : أحدها : المنع مطلقا كما هو مذهب الشافعي ورواية عن أحمد .

والثاني : الجواز مطلقا كقول أبي حنيفة ويذكر رواية عن أحمد .

[ ص: 458 ] والثالث : الفرق بين أن يكون المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلا أو لا يكون وهذا مذهب مالك وأحمد في المشهور عنه . فإذا باع تمرا في نواه بنوى أو تمرا منزوع النوى . أو شاة فيها لبن بشاة ليس فيها لبن أو بلبن ونحو ذلك . فإنه يجوز عندهما ; بخلاف ما إذا باع ألف درهم بخمسمائة درهم في منديل ; فإن هذا لا يجوز .

فمن كان قصده بيع الربوي بجنسه متفاضلا لم يجز وإن كان تبعا غير مقصود جاز . ومالك رحمه الله يقدر ذلك بالثلث .

وهكذا إذا باع حنطة فيها شعير يسير بحنطة فيها شعير يسير فإن ذلك يجوز عند الجمهور . وكذلك إذا باع الدراهم التي فيها غش بجنسها . فإن الغش غير مقصود والمقصود بيع الفضة بالفضة وهما متماثلان .

وكذلك صرف الفلوس بالدراهم المغشوشة يقول من يكرهه : إنه بيع فضة ونحاس بنحاس . والصحيح الذي عليه الجمهور أن هذا كله جائز .

التالي السابق


الخدمات العلمية