صفحة جزء
وسئل رحمه الله عن ضامن يطلب منه السلطان على الأفراح التي يحصل فيها بعض المنكرات : من غناء النساء الحرائر للرجال الأجانب ونحوه ، فإن أمر السلطان بإبطال ذلك الفعل أبطله وطالب الضامن بالمال الذي لم يلتزمه إلا على ذلك الفعل ; لأن عقد الضمان وجب لذلك الفعل والمضمون عنه يعتقد أن ذلك لم يدخل في الضمان والضامن يعتقد دخوله ; لجريان عادة من تقدمه من الضمان به وأن الضمان وقع على الحالة والعادة المتقدمة .


فأجاب : ظلم الضامن بمطالبته بما لا يجب عليه بالعقد الذي دخل فيه ، وإن كان محرما أبلغ تحريما من غناء الأجنبية للرجال ; لأن الظلم من المحرمات العقلية الشرعية وأما هذا الغناء فإنما نهي عنه لأنه قد يدعو إلى الزنا كما حرم النظر إلى الأجنبية ; ولأن فيه خلافا شاذا ; ولأن غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في [ ص: 553 ] العرسات كما كانوا ينظرون إلى الإماء لعدم الفتنة في رؤيتهن وسماع أصواتهن فتحريم هذا أخف من تحري الظلم فلا يدفع أخف المحرمين بالتزام أشدهما .

وأما غناء الرجال للرجال فلم يبلغنا أنه كان في عهد الصحابة . يبقى غناء النساء للنساء في العرس وأما غناء الحرائر للرجال بالدف فمشروع في الأفراح كحديث الناذرة وغناها مع ذلك .

ولكن نصب مغنية للنساء والرجال : هذا منكر بكل حال ; بخلاف من ليست صنعتها وكذلك أخذ العوض عليه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية