صفحة جزء
وسئل رحمه الله عمن عليه حق وامتنع هل يجب إقراره بالعقوبة ؟


فأجاب : حكم الشريعة : أن من وجب عليه حق وهو قادر على أدائه وامتنع من أدائه فإنه يعاقب بالضرب والحبس مرة بعد مرة حتى [ ص: 38 ] يؤدي سواء كان الحق دينا عليه أو وديعة عنده أو مال غصب أو عارية أو مالا للمسلمين أو كان الحق عملا : كتمكين المرأة زوجها من الاستمتاع بها وعمل الأجير ما وجب عليه من المنفعة .

وهذا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن } .

فأباح الله سبحانه للرجل أن يضرب المرأة إذا امتنعت من الحق الواجب عليها من المباشرة وفراش زوجها .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم { مطل الغني ظلم } " أخرجاه في الصحيحين .

وقال : { لي الواجد يحل عرضه وعقوبته } " رواه أهل السنن .

واللي : هو المطل والواجد : هو القادر .

فأخبر صلى الله عليه وسلم أن مطل الغني ظلم وأن ذلك يحل عرضه وعقوبته فثبت أن عقوبة المماطل مباحة .

وروى البخاري في صحيحه { أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل خيبر على الصفراء والبيضاء والسلاح وسأل عم حيي بن أخطب عن كنزه فقال : يا محمد أذهبته النفقات فقال للزبير : دونك هذا فأخذه الزبير فمسه بشيء من العذاب .

فقال : رأيته يأتي إلى هذه الخربة وكان في جلد ثور
} .

لما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل الذي يعلم مكان المال الذي يستحقه النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 39 ] وقد أخفاه أمر الزبير بعقوبته حتى دلهم على المال ومن كتم ماله أولى بالعقوبة وقد ذكر هذه المسألة الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم ولا أعلم فيه خلافا .

وقد ذكروا بأن الممتنع من أداء الواجب من الدين وغيره إذا أصر على الامتناع فإنه يعاقب ويضرب مرة بعد مرة حتى يؤديه ولا يقتصر على ضربه مرة ; بل يفرق عليه الضرب في أيام متعددة حتى يؤدي .

وقد أجمع العلماء على أن التعزير مشروع في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة والمعاصي فرعان : ترك واجب وفعل محرم .

فمن ترك أداء الواجب مع القدرة عليه فهو عاص مستحق للعقوبة والتعزير والله سبحانه أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية