صفحة جزء
وسئل الشيخ رحمه الله عن رجل وكيل باع لموكله حصته من حانوت ثم إن المشتري وقف تلك الحصة وثبت البيع والوقف وحكم بصحة الوقف وبعد ذلك ثبت أن الوكيل كان معزولا بتاريخ متقدم على بيعه محكوما بصحة عزله .

فهل يتبين بطلان البيع والوقف ؟ أم هما صحيحان ؟ وإذا بان البطلان .

فهل للموكل الرجوع بأجرة تلك الحصة مدة مقامها في يد المشتري الواقف لها ؟ أم لا ؟ .


فأجاب : الحمد لله رب العالمين .

هذه المسألة فيها نزاع مشهور وهو : أن الوكيل إذا مات موكله أو عزله ولم يعلم بذلك حتى تصرف فهل ينعزل قبل العلم ؟ على ثلاثة أقوال لأهل العلم في مذهب الشافعي والإمام أحمد وغيرهما : أحدها : أنه ينعزل قبل العلم وهذا هو المشهور من مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما وقول في مذهب مالك .

فعلى هذا يتبين بطلان البيع ; لكن على هذا لا ضمان على الوكيل ; لأنه لم يفرط وأما المشتري فهو [ ص: 64 ] مغرور أيضا إذا لم يعلم .

وفي تضمينه نزاع في مذهب أحمد وغيره وأحد قولي الشافعي .

وهذا الغار لا ضمان عليه ولا يضمن واحد منهما ولم يرجع على الغار في أشهر قولي الشافعي والإمام أحمد في رواية .

فعلى هذا يضمن المشتري ولا يرجع على أحد .

والقول الثاني : أنه ينعزل بالموت ولا ينعزل بالعزل حتى يعلم وهذا مذهب أبي حنيفة والمشهور في مذهب مالك وأحد الأقوال في مذهب الشافعي والإمام أحمد .

فعلى هذا تصرفه قبل العلم صحيح .

فيصح البيع إذا لم يكن الرجل عالما بالعزل فأما إن تصرف بعد علمه بالعزل لم يكن تصرفه لازما باتفاق المسلمين ; بل يكون بمنزلة تصرف الفضولي وهو مردود في مذهب الشافعي والإمام أحمد في المشهور عنه .

وموقوف على الإجازة في مذهب أبي حنيفة والرواية الأخرى عن الإمام أحمد وحكي عن مالك .

فمتى لم يجزه المستحق بطل بالإجماع .

والقول الثالث : أنه لا ينعزل في الموضعين قبل العلم كقول الشافعي والإمام أحمد رضي الله عنهما .

والحكم فيه كما تقدم .

والله سبحانه وتعالى أعلم . [ ص: 65 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية