صفحة جزء
[ ص: 208 ] وسئل رحمه الله عمن اكترى دارا لمرضاة نفسه .

هل يجوز له أن يكري
؟ .


فأجاب : إن اكترى منفعة لفعل محرم : مثل الغناء والزنا وشهادة الزور وقتل المعصوم : كان كراه محرما .

وكذلك إن أكراها لفعل ما وجب عليه : مثل أن يتعين عليه شهادة بحق أو فتيا في مسألة أو قضاء في حكومة أو جهاد متعين ; فإن هذا الكرى لا يجوز .

وإن كان لفعل يختص بأهل القربات كالكرى لإقراء القرآن والعلم والإمامة والأذان والحج عن غيره والجهاد الذي لم يتعين : فهذا فيه خلاف بين العلماء .

وإن كان الكرى لعمل . كالخياطة والنجارة . والبناء جاز بالاتفاق .

[ ص: 209 ] وقال رحمه الله فصل الاستئجار على منفعة محرمة : كالزنا واللواط والغناء وحمل الخمر وغير ذلك : باطل ; لكن إذا استوفى تلك المنفعة ومنع العامل أجرته كان غدرا وظلما أيضا .

وقد استوفيت مسألة الاستئجار لحمل الخمر في كتاب " الصراط المستقيم " بينت أن الصواب منصوص أحمد : أنه يقضى له بالأجرة وأنها لا تطيب له . إما كراهة تنزيه أو تحريم لكن هذه المسألة فيما كان جنسه مباحا كالحمل بخلاف الزنا .

ولا ريب أن مهر البغي خبيث وحلوان الكاهن خبيث والحاكم يقضي بعقوبة المستأجر المستوفي للمنفعة المحرمة فتكون عقوبته له عوضا عن الأجر .

فأما فيما بينه وبين الله .

فهل ينبغي له أن يعطيه ذلك ؟ وإن كان لا يحل الأخذ لحق الله . فهذا متقوم .

وإن لم يجب عليه ذلك كان في ذلك درك لحاجته ; أنه يفعل المحرم ويعذر ولا يعاقبه في الآخرة إلا [ ص: 210 ] على فعل المحرم لا على الغدر والظلم .

وهذا البحث يتصل بالبحث في أحكام سائر العقود الفاسدة وقبوضها .

التالي السابق


الخدمات العلمية