صفحة جزء
[ ص: 528 ] سئل رحمه الله تعالى عن رجلين تنازعا في ساب " أبي بكر " ; أحدهما يقول : يتوب الله عليه وقال الآخر : لا يتوب الله عليه ؟ .


فأجاب : - الصواب الذي عليه أئمة المسلمين أن كل من تاب تاب الله عليه كما قال الله تعالى : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } فقد ذكر في هذه الآية أنه يغفر للتائب الذنوب جميعا ; ولهذا أطلق وعمم .

وقال في الآية الأخرى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فهذا في غير التائب ولهذا قيد وخصص . وليس سب بعض الصحابة بأعظم من سب الأنبياء ; أو سب الله تعالى و " اليهود والنصارى " الذين يسبون نبينا سرا بينهم إذا تابوا وأسلموا قبل ذلك منهم باتفاق المسلمين والحديث الذي يروى : " { سب صحابتي ذنب لا يغفر } " : كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والشرك الذي لا يغفره الله يغفره [ ص: 529 ] لمن تاب باتفاق المسلمين وما يقال : إن في ذلك حقا لآدمي يجاب عنه من " وجهين " : ( أحدهما : أن الله قد أمر بتوبة " السارق " و " الملقب " ونحوهما من الذنوب التي تعلق بها حقوق العباد كقوله : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم } { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم } وقال : { ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } ومن توبة مثل هذا أن يعوض المظلوم من الإحسان إليه بقدر إساءته إليه .

( الوجه الثاني : أن هؤلاء متأولون ; فإذا تاب الرافضي من ذلك واعتقد فضل الصحابة وأحبهم ودعا لهم : فقد بدل الله السيئة بالحسنة كغيره من المذنبين .

التالي السابق


الخدمات العلمية