صفحة جزء
[ ص: 200 ] وسئل رحمه الله عن رجل ساكن في خان وقف وله مباشر لرسم عمارته وإصلاحه وأن الساكن أخبر المباشر أن مسكنه يخشى سقوطه وهو يدافعه ثم إن المباشر صعد إلى المسكن المذكور ورآه بعينه وركضه برجله وقال : ليس بهذا سقوط ولا عليك منه ضرر ; وتركه ونزل فبعد نزوله سقط المسكن المذكور على زوجة الساكن وأولاده فمات ثلاثة وعدم جميع ماله : فهل يلزم المباشر من مات ويغرم المال الذي عدم أم لا ؟


فأجاب : على هذا المباشر المذكور الذي تقدم إليه وأخر الاستهدام ضمان ما تلف بسقوطه ; بل يضمن ولو كان مالك المكان : إذا خيف السقوط وأعلم بذلك وإن لم يكن المعلم له مستأجرا منه عند جماهير العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد في المشهور وطائفة من أصحاب الشافعي وغيرهم ; لكن بعضهم يشترط الإشهاد عليه وأكثرهم لا يشترط ذلك ; فإنه مفرط بترك نقضه وإصلاحه ولو ظن أنه لا يسقط . فإنه كان عليه أن يري ذلك لأرباب الخبرة بالبناء فإذا ترك ذلك كان مفرطا ضامنا لما تلف بتفريطه ; لا سيما مع قوله للمستأجر : إن شئت فاسكن وإن شئت فلا تسكن ; فإن هذا عدوان منه . [ ص: 201 ] فإن المستأجر له مطالبة المؤجر بالعمارة التي يحتاج إليها المكان والتي هي من موجب العقد . وهذه العمارة واجبة من وجهين : من جهة حق أهل الوقف ومن جهة حق المستأجر .

والعلماء متفقون على أنه ليس لناظر الوقف أن يفرط في العمارة التي استحقها المستأجر . فهذان التفريطان يجب عليه بتركهما ضمان ما تلف بتفريطه فيضمن مال الوقف للوقف ويدخل في ذلك المنافع التي استحقها المستأجر ; بخلاف ما لو كانت العين باقية ; فإن له أن يضمنه إياها وله أن يفسخ الإجارة . وأما ما تلف بالتفريط من النفوس والأموال التي للمستأجر فيضمن من هذه الوجوه الثلاثة ويضمن ما تلف للجيران من الوجه الأول كما ذهب إليه جماهير العلماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية