صفحة جزء
[ ص: 276 ] وسئل رحمه الله عن رجل له بنتان ومطلقة حامل وكتب لابنتيه ألفي دينار وأربع أملاك ثم بعد ذلك ولد للمطلقة ولد ذكر ولم يكتب له شيئا ثم بعد ذلك توفي الوالد وخلف موجودا خارجا عما كتبه لبنتيه وقسم الموجود بينهم على حكم الفريضة الشرعية : فهل يفسخ ما كتب للبنات أم لا ؟


فأجاب : هذه المسألة فيها نزاع بين أهل العلم : إن كان قد ملك البنات تمليكا تاما مقبوضا . فإما أن يكون كتب لهن في ذمته ألفي دينار من غير إقباض أو أعطاهن شيئا ولم يقبضه لهن : فهذا العقد مفسوخ ويقسم الجميع بين الذكر والأنثيين . وأما مع حصول القبض : ففيه نزاع . وقد روي أن سعد بن عبادة قسم ماله بين أولاده فلما مات ولد له حمل فأمر أبو بكر وعمر أن يعطى الحمل نصيبه من الميراث فلهذا ينبغي أن يفعل بهذا كذلك ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم } وقال : { إني لا أشهد على جور } لمن أراد تخصيص بعض أولاده بالعطية . وعلى البنات أن يتقين الله ويعطين الابن حقه .

[ ص: 277 ] { وقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي خصص بعض أولاده : أشهد على هذا غيري } تهديدا له ; فإنه قال : " اردده " وقد رده ذلك الرجل . وأما إذا وصى لهن بعد موته فهي غير لازمة باتفاق العلماء . والصحيح من قولي العلماء أن هذا الذي خص بناته بالعطية دون حمله يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا ; طاعة لله ولرسوله واتباعا للعدل الذي أمر به ; واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما . ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل ; بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به . والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية