صفحة جزء
[ ص: 295 ] وسئل رحمه الله تعالى عن رجل أعطى بعض أولاده شيئا ولم يعط الآخر ; لكون الأول طائعا له : فهل له بر من أطاعه وحرمان من عصاه وحلف الذي لم يعطه بالطلاق أنه لا يكلم أباه إن لم يواسه : فهل له مخرج ؟ وهل اليمين بالطلاق تجري مجرى الإيمان أم لا ؟


فأجاب : على الرجل أن يعدل بين أولاده كما أمر الله ورسوله فقد ثبت في الصحيحين { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلا وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له : اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وقال : لا تشهدني على هذا فإني لا أشهد على جور وقال له : اردده } فرده بشير . وقال له على سبيل التهديد : { لا أشهد على هذا غيري } . لكن إذا خص أحدهما بسبب شرعي : مثل أن يكون محتاجا مطيعا لله والآخر غني عاص يستعين بالمال على المعصية فإذا أعطى من أمر الله بإعطائه ومنع من أمر الله بمنعه فقد أحسن .

[ ص: 296 ] وأما الذي حلف أنه لا يكلم أباه . فأيما يمين من أيمان المسلمين حلف بها الرجل فعليه إذا حنث كفارة يمين . وأي يمين حلف عليها ورأى الحنث خيرا من الإصرار عليها فإنه يكفر عن يمينه ويحنث كما دل عليه الكتاب والسنة وسواء حلف باسم الله أو بالنذر أو بالطلاق أو العتاق أو الظهار أو الحرام كقوله : إن فعلت كذا فمالي صدقة وعلي عشر حجج وعلي صوم سنة ونسائي طوالق وعبيدي أحرار ونحو ذلك فكل ما كان من أيمان المسلمين أجزأت فيه كفارة . وما لم يكن من أيمان المسلمين : كالحلف بالكعبة والمشايخ والملوك والآباء : فإنها أيمان محرمة غير منعقدة ولا حرمة لها . وليس في شرع الله ورسوله إلا يمينان : يمين منعقدة ففيها الكفارة . ويمين غير منعقدة فلا شيء فيها إذا حنث . ومن أثبت من العلماء يمينا منعقدة غير مكفرة : فقوله ضعيف مخالف للكتاب والسنة وأقوال الصحابة والقياس الجلي . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية