صفحة جزء
وسئل قدس الله روحه عن رجل أسلم : هل يبقى له ولاية على أولاده الكتابيين ؟


فأجاب : لا ولاية له عليهم في النكاح كما لا ولاية له عليهم في الميراث فلا يزوج المسلم الكافرة سواء كانت بنته أو غيرها ولا يرث كافر مسلما ولا مسلم كافرا . وهذا مذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم من السلف والخلف . [ ص: 36 ] لكن المسلم إذا كان مالكا للأمة زوجها بحكم الملك وكذلك إذا كان ولي أمر زواجها بحكم الولاية . وأما بالقرابة والعتاقة فلا يزوجها ; إذ ليس في ذلك إلا خلاف شاذ عن بعض أصحاب مالك في النصراني يزوج ابنته كما نقل عن بعض السلف أنه يرثها وهما قولان شاذان .

وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم ; ولا يتزوج الكافر المسلمة . والله سبحانه قد قطع الولاية في كتابه بين المؤمنين والكافرين وأوجب البراءة بينهم من الطرفين وأثبت الولاية بين المؤمنين فقد قال تعالى { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده } وقال تعالى : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } إلى قوله : { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا } إلى قوله : { فإن حزب الله هم الغالبون } والله تعالى إنما أثبت الولاية بين أولي الأرحام بشرط الإيمان كما قال تعالى : { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين } .

وقال تعالى : { إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض } إلى قوله : { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } إلى قوله : { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض } .

التالي السابق


الخدمات العلمية