صفحة جزء
[ ص: 52 ] وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن بنت يتيمة وقد طلبها رجل وكيل على جهات المدينة وزوج أمها كاره في الوكيل . فهل يجوز أن يزوجها عمها وأخوها بلا إذن منها أم لا ؟


فأجاب : الحمد لله . المرأة البالغ لا يزوجها غير الأب والجد بغير إذنها باتفاق الأئمة ; بل وكذلك لا يزوجها الأب إلا بإذنها في أحد قولي العلماء ; بل في أصحهما وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تستأمر قالوا يا رسول الله فإن البكر تستحي ؟ قال : إذنها صماتها } وفي لفظ { يستأذنها أبوها وإذنها صماتها } وأما العم والأخ فلا يزوجانها بغير إذنها باتفاق العلماء . وإذا رضيت رجلا وكان كفؤا لها وجب على وليها - كالأخ ثم العم - أن يزوجها به فإن عضلها وامتنع من تزويجها زوجها الولي الأبعد منه أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء ; فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ; ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤا باتفاق الأئمة ; وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية والظلمة الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرض ; لا لمصلحة المرأة ويكرهونها على ذلك أو يخجلونها حتى تفعل . ويعضلونها عن نكاح من يكون كفؤا لها لعداوة [ ص: 53 ] أو غرض .

وهذا كله من عمل الجاهلية والظلم والعدوان وهو مما حرمه الله ورسوله واتفق المسلمون على تحريمه وأوجب الله على أولياء النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة ; لا في أهوائهم كسائر الأولياء والوكلاء ممن تصرف لغيره فإنه يقصد مصلحة من تصرف له لا يقصد هواه فإن هذا من الأمانة التي أمر الله أن تؤدى إلى أهلها فقال : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } وهذا من النصيحة الواجبة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة . قالوا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم } والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية