صفحة جزء
[ ص: 269 ] باب القسم بين الزوجات وسئل رحمه الله تعالى عن رجل متزوج بامرأتين وإحداهما يحبها ويكسوها ويعطيها ويجتمع بها أكثر من صاحبتها ؟


فأجاب : الحمد لله . يجب عليه العدل بين الزوجتين باتفاق المسلمين ; وفي السنن الأربعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل } . فعليه أن يعدل في القسم . فإذا بات عندها ليلة أو ليلتين أو ثلاثا بات عند الأخرى بقدر ذلك ولا يفضل إحداهما في القسم ; لكن إن كان يحبها أكثر ويطؤها أكثر : فهذا لا حرج عليه فيه ; وفيه أنزل الله تعالى : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم } أي : في الحب والجماع وفي السنن الأربعة عن عائشة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ويعدل فيقول : هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك } يعني : القلب .

[ ص: 270 ] وأما العدل في " النفقة والكسوة " فهو السنة أيضا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة ; كما كان يعدل في القسمة ; مع تنازع الناس في القسم : هل كان واجبا عليه ؟ أو مستحبا له ؟ وتنازعوا في العدل في النفقة : هل هو واجب ؟ أو مستحب ؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة . وهذا العدل مأمور له ما دامت زوجة ; فإن أراد أن يطلق إحداهما فله ذلك فإن اصطلح هو والتي يريد طلاقها على أن تقيم عنده بلا قسم وهي راضية بذلك جاز ; كما قال تعالى : { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير } وفي الصحيح عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في المرأة تكون عند الرجل فتطول صحبتها فيريد طلاقها ; فتقول : لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من يومي : فنزلت هذه الآية .

وقد { كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يطلق سودة فوهبت يومها لعائشة فأمسكها بلا قسمة } وكذلك رافع بن خديج جرى له نحو ذلك ويقال إن الآية أنزلت فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية