صفحة جزء
[ ص: 96 ] وسئل رحمه الله تعالى عن رجل تزوج عند قوم مدة سنة ثم جرى بينهم كلام فادعوا عليه بكسوة سنة فأخذوها منه ثم ادعوا عليه بالنفقة وقالوا : هي تحت الحجر ; وما أذنا لك أن تنفق عليها : فهل يجوز ذلك ؟


فأجاب : الحمد لله رب العالمين . إذا كان الزوج تسلمها التسليم الشرعي وهو أو أبوه أو نحوهما يطعمها كما جرت به العادة : لم يكن للأب ولا لها أن تدعي بالنفقة ; فإن هذا هو الإنفاق بالمعروف الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر المسلمين في كل عصر ومصر وكذلك نص على ذلك أئمة العلماء ; بل من كلف الزوج أن يسلم إلى أبيها دراهم ليشتري لها بها ما يطعمها في كل يوم فقد خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ; وإن [ كان ] هذا قد قاله بعض الناس . فكيف إذا كان قد أنفق عليها بإقرار الأب لها بذلك وتسليمها إليهم ; مع أنه لا بد لها من الأكل ; ثم أراد أن يطلب النفقة ; ولا يعتد بما أنفقوا عليها ; فإن هذا باطل في الشريعة لا تحتمله أصلا . ومن توهم ذلك معتقدا أن النفقة حق لها كالدين فلا بد أن يقبضه الولي وهو لم يأذن فيه : كان مخطئا من وجوه [ ص: 97 ] " منها " أن المقصود بالنفقة إطعامها ; لا حفظ المال لها .

" الثاني " أن قبض الولي لها ليس فيه فائدة : " الثالث " أن ذلك لا يحتاج إلى إذنه ; فإنه واجب لها بالشرع والشارع أوجب الإنفاق عليها فلو نهى الولي عن ذلك لم يلتفت إليه . " الرابع " إقراره لها مع حاجته إلى النفقة إذن عرفي ولا يقال : إنه لم يأمن الزوج على النفقة ; لوجهين : " إحداهما " أن الائتمان بها حصل بالشرع كما اؤتمن الزوج على بدنها والقسم لها وغير ذلك من حقوقها ; فإن الرجال قوامون على النساء والنساء عوان عند الرجال كما دل على ذلك الكتاب والسنة . " الثاني " أن الائتمان العرفي كاللفظي . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية