صفحة جزء
وسئل رحمه الله عن مسلم قتل مسلما متعمدا بغير حق ثم تاب بعد ذلك : فهل ترجى له التوبة وينجو من النار أم لا ؟ وهل يجب عليه دية أم لا ؟ .


فأجاب : قاتل النفس بغير حق عليه " حقان " : حق لله بكونه تعدى حدود الله وانتهك حرماته . فهذا الذنب يغفره الله بالتوبة الصحيحة كما قال [ ص: 172 ] تعالى : { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا } أي لمن تاب . وقال : { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما } { يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا } { إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما } وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم { أن رجلا قتل تسعة وتسعين رجلا ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه فسأله : هل من توبة ؟ فقال : أبعد تسعة وتسعين تكون لك توبة فقتله فكمل به مائة ثم مكث ما شاء الله ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه فسأله هل لي من توبة ؟ قال : ومن يحول بينك وبين التوبة ولكن ائت قرية كذا فإن فيها قوما صالحين فاعبد الله معهم فأدركه الموت في الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ; فبعث الله ملكا يحكم بينهم فأمر أن يقاس فإلى أي القريتين كان أقرب ألحق به ; فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة فغفر الله له } " والحق الثاني " حق الآدميين . فعلى القاتل أن يعطي أولياء المقتول حقهم فيمكنهم من القصاص ; أو يصالحهم بمال أو يطلب منهم العفو فإذا فعل ذلك فقد أدى ما عليه من حقهم وذلك من تمام التوبة .

[ ص: 173 ] وهل يبقى للمقتول عليه حق يطالبه به يوم القيامة ؟ على قولين للعلماء في مذهب أحمد وغيره ; ومن قال يبقى له ; فإنه يستكثر القاتل من الحسنات حتى يعطي المقتول من حسناته بقدر حقه ويبقى له ما يبقى فإذا استكثر القاتل التائب من الحسنات رجيت له رحمة الله ; وأنجاه من النار ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الفاسقون .

التالي السابق


الخدمات العلمية