صفحة جزء
وسئل رحمه الله تعالى عن رجل له ولد صغير فاتهم وضرب بالمقارع ; وخسر والده أربعمائة درهم ثم وجدت السرقة فجاء صاحب السرقة وصالح المتهوم على مائتي درهم : فهل يصح منه إبراء بغير رضى والده إذا كان تحت الحجر ؟ وإذا لم يصح فما يجب في دية الضرب ؟ وهل لوالده بعد إبراء الصغير أن يطالبه بضرب ولده أم لا ؟


[ ص: 232 ] فأجاب : إذا كان المضروب تحت حجر أبيه لم يصح صلحه ولا إبراؤه . وما غرمه أبوه بسبب هذه التهمة الباطلة فله أن يرجع به على من غرمه إياه بعدوانه سواء أبرأه الابن أو لم يبرئه فالمضروب يستحق أن يضرب من طلب ضربه من المتهمين له مثل ما ضربه إذا لم يعرف بالشر قبل ذلك . هكذا ذكره النعمان بن بشير أن ذلك حكم الله ورسوله رواه { أبو داود وغيره ; فإنه قال لقوم طلبوا منه أن يضرب رجلا على تهمة : إن شئتم ضربته لكم فإن ظهر ما لكم عنده وإلا ضربتكم مثل ما ضربته فقالوا هذا حكمك ؟ فقال هذا حكم الله ورسوله } . وهذا في ضرب من لم يعرف بالشر وأما ضرب من عرف بالشر فذاك مقام آخر وقد ثبت القصاص في الضرب واللطم ونحو ذلك عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين .

وجاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونص عليه غير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره ; وإن كان كثير من الفقهاء لا يرى القصاص في مثل هذا ; بل يرى فيه التعزير فالأول هو الصحيح ; ولكن هل للأب أن يستوفي حق القصاص الذي لابنه ؟ أم يتركه حتى يبلغ ؟ هذا فيه نزاع معروف بين العلماء . وأما إن كان الابن بالغا فله العقوبات البدنية واستبقاؤها .

التالي السابق


الخدمات العلمية