صفحة جزء
[ ص: 159 ] وسئل هل أراد الله - تعالى - المعصية من خلقه أم لا ؟


فأجاب : لفظ " الإرادة " مجمل له معنيان : فيقصد به المشيئة لما خلقه ويقصد به المحبة والرضا لما أمر به .

فإن كان مقصود السائل : أنه أحب المعاصي ورضيها وأمر بها فلم يردها بهذا المعنى فإن الله لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر ولا يأمر بالفحشاء بل قال لما نهى عنه : { كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها } . وإن أراد أنها من جملة ما شاءه وخلقه فالله خالق كل شيء وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا يكون في الوجود إلا ما شاء .

وقد ذكر الله في موضع أنه يريدها وفي موضع أنه لا يريدها والمراد بالأول أنه شاءها خلقا وبالثاني أنه لا يحبها ولا يرضاها أمرا كما قال تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا } وقال نوح : { ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم } وقال في الثاني : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } وقال تعالى : { يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم } { والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا } وقال : { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم } وقال : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } .

التالي السابق


الخدمات العلمية