صفحة جزء
قوله تعالى: وما كان الله ليضيع إيمانكم

خرج البخاري ومسلم : من حديث: أبي إسحاق ، عن البراء ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا - أو سبعة عشر شهرا - وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله، لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مكة، [ ص: 116 ] فداروا كما هم قبل البيت . وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس . وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك . قال زهير : ثنا أبو إسحاق ، عن البراء - في حديثه هذا - أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: وما كان الله ليضيع إيمانكم قال البخاري : يعني: صلاتكم . وبوب على هذا الحديث: "باب: الصلاة من الإيمان " . والأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم نسب; فإنهم أجداده وأخواله من جهة جد أبيه هاشم بن عبد مناف، فإنه تزوج بالمدينة امرأة من بني عدي بن النجار، يقال لها: سلمى، فولدت له ابنه عبد المطلب، وفي رأسه شيبة، فسمي شيبة . وذكر ابن قتيبة : أن اسمه عامر ، والصحيح: أن اسمه شيبة . وإنما قيل له: عبد المطلب; لأن عمه المطلب بن عبد مناف قدم به من المدينة إلى مكة، فقالت قريش: هذا عبد المطلب، فقال: ويحكم، إنما هو ابن أخي شيبة بن عمرو ، وهاشم اسمه عمرو .

ففي حديث البراء هذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار . وظاهره: يدل على أنه نزل على بني النجار; لأنهم هم أخواله وأجداده . وإنما أراد البراء جنس الأنصار دون خصوص بني النجار . وقد خرج البخاري في "كتاب الصلاة" و"أبواب الهجرة" من حديث . [ ص: 117 ] أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة نزل في علو المدينة، في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف ، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى ملإ بني النجار، فجاءوا متقلدين سيوفهم . قال: وكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب - وذكر الحديث . وخرج - أيضا - معنى ذلك، من حديث الزهري ، عن عروة بن الزبير . وأما ما ذكره البراء في حديثه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالمدينة قبل بيت المقدس ستة عشر - أو سبعة عشر - شهرا، فهذا شك منه في مقدار المدة . وروي عن ابن عباس ، أن مدة صلاته بالمدينة إلى بيت المقدس كانت ستة عشر شهرا . خرجه أبو داود . وخرج - أيضا - من حديث معاذ ، أن مدة ذلك كان ثلاثة عشر شهرا . وروى كثير بن عبد الله المزني - وهو ضعيف -، عن أبيه، عن جده عمرو بن عوف ، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا .

[ ص: 118 ] وقال سعيد بن المسيب : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس تسعة عشر شهرا، ثم حولت القبلة بعد ذلك قبل المسجد الحرام، قبل بدر بشهرين . ورواه بعضهم، عن سعيد ، عن سعد بن أبي وقاص .

والحفاظ يرون، أنه لا يصح ذكر: " سعد بن أبي وقاص " فيه .

وقيل: عن سعيد بن المسيب - في هذا الحديث -: ستة عشر شهرا . وكذا قال محمد بن كعب القرظي وقتادة وابن زيد ، وغيرهم: إن مدة صلاته إلى بيت المقدس كانت ستة عشر شهرا .

وقال الواقدي : الثبت عندنا أن القبلة حولت إلى الكعبة يوم الاثنين . للنصف من رجب، على رأس سبعة عشر شهرا .

وعن السدي ، أن ذلك كان على رأس ثمانية عشر شهرا . وقيل: كان بعد خمسة عشر شهرا ونصف . ولا خلاف أن ذلك كان في السنة الثانية من الهجرة، لكن اختلفوا في أي شهر كان; فقيل: في رجب، كما تقدم، وحكي ذلك عن الجمهور، منهم: ابن إسحاق . وقيل: في يوم الثلاثاء نصف شعبان، وحكي عن قتادة ، واختاره محمد [ ص: 119 ] ابن حبيب الهاشمي وغيره . وقيل: بل كان في جمادى الأول، وحكي عن إبراهيم الحربي ، ورواه الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك .

وقوله: "وكان يعجبه - يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تكون قبلته قبل البيت " - يعني: الكعبة . هذا; يشهد له قول الله تعالى: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام

وروى معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال: لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود، أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر شهرا، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء . فأنزل الله: قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية . وقال مجاهد : إنما كان يحب أن يحول إلى الكعبة، لأن يهود قالوا: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا . وقال ابن زيد : لما نزل: فأينما تولوا فثم وجه الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هؤلاء قوم يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله - لبيت المقدس - لو أنا استقبلناه "، فاستقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة عشر شهرا، فبلغه أن اليهود تقول: والله، ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم، فكره ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفع وجهه إلى السماء، فنزلت هذه الآية : قد نرى تقلب وجهك في السماء [ ص: 120 ] ويشهد لهذا: ما في حديث البراء : "وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب - يعني: من غير اليهود، وهم النصارى - فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك " . وقد اختلف الناس: هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل هجرته يصلي إلى بيت المقدس، أو إلى الكعبة؟ فروي عن ابن عباس ، أنه كان يصلي بمكة نحو بيت المقدس، والكعبة بين يديه . خرجه الإمام أحمد . وقال ابن جريج : صلى أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صرف إلى بيت المقدس، وهو بمكة، فصلت الأنصار قبل قدومه - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس ثلاث حجج، وصلى بعد قدومه ستة عشر شهرا، ثم وجهه الله إلى البيت الحرام . وقال قتادة : صلت الأنصار قبل قدومه - صلى الله عليه وسلم - المدينة نحو بيت المقدس حولين . واستدل من قال: إنما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا، فدل على أنه لم يصل إليه غير هذه المدة . ولكن قد يقال: إنه إنما أراد بعد الهجرة . [ ص: 121 ] ويدل عليه - أيضا -: أن جبريل صلى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما فرضت الصلاة عند باب البيت، والمصلي عند باب البيت لا يستقبل بيت المقدس، إلا أن ينحرف عن الكعبة بالكلية ، ويجعلها عن شماله، ولم ينقل هذا أحد [] .

وهؤلاء" منهم من قال: ذلك كان باجتهاد منه لا بوحي، كما تقدم عن ابن زيد . وكذا قال أبو العالية : إنه صلى إلى بيت المقدس يتألف أهل الكتاب . وفي "صحيح الحاكم " عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلى نحو بيت المقدس . وترك البيت العتيق، فقال الله تعالى: سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها يعنون: بيت المقدس، فنسخها الله وصرفه إلى بيت العتيق . وقال: صحيح على شرطهما . وليس كما قال " فإن عطاء هذا هو الخراساني، ولم يلق ابن عامر . كذا وقع مصرحا بنسبته في "كتاب الناسخ والمنسوخ " لأبي عبيد، ولابن أبي داود، وغيرهما .

وقول البراء : "وكان أول صلاة صلاها العصر" . يعني: إلى الكعبة، بعد الهجرة . وقد روي عن عمارة بن أوس - وكان قد صلى القبلتين -، قال: كنا في [ ص: 122 ] إحدى صلاتي العشي ونحن نصلي إلى بيت المقدس، وقد قضينا بعض الصلاة، إذ نادى مناد بالباب: إن القبلة قد حولت، فأشهد على إمامنا أنه تحرف .

خرجه الأثرم وغيره .

وخرج الأثرم وابن أبي حاتم من حديث تويلة بنت أسلم، قالت: صليت الظهر - أو العصر - في مسجد بني حارثة، فاستقبلنا مسجد إيلياء . فصلينا سجدتين، ثم جاءنا من يخبرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استقبل البيت الحرام، فتحول النساء مكان الرجال، والرجال مكان النساء، فصلينا السجدتين الباقيتين، ونحن مستقبلو البيت الحرام . وقد روي أن هذه الصلاة كانت صلاة الفجر .

ففي "الصحيحين " عن ابن عمر ، قال: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة .

وخرج مسلم - معناه - من حديث أنس - أيضا . [ ص: 123 ] وقد قيل - في الجمع بين الأحاديث -: إن التحويل كان في صلاة العصر . ولم يبلغ أهل قباء إلا في صلاة الصبح . وفيه نظر .

وقيل: إن تلك الصلاة كانت الظهر . وقد خرجه النسائي فى "تفسيره " من حديث أبي سعيد بن المعلى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروي عن مجاهد .

وحديث البراء : يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة العصر كلها إلى الكعبة، وأن الذين صلوا إلى بيت المقدس ثم استداروا إلى الكعبة هم قوم كانوا في مسجد لهم، وراء إمام لهم، وفي حديث ابن عمر : أنهم أهل مسجد قباء، وفي حديث تويلة: مسجد بني حارثة . وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن صلى معه هم الذين استداروا في صلاتهم، وأن الكعبة حولت في أثناء صلاتهم . وقد روي نحوه عن مجاهد وغيره . وقد ذكر ابن سعد في "كتابه "، قال: يقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين من الظهر في المسجد بالمسلمين، ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام، واستدار إليه ودار معه المسلمون، ويقال: بل زار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم بشر بن [ ص: 124 ] البراء بن معرور في بني سلمة، فصنعت لهم طعاما، وكانت الظهر، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه ركعتين، ثم أمر أن يوجه إلى الكعبة، فاستدار إلى الكعبة، واستقبل الميزاب، فسمي المسجد مسجد القبلتين . وحكى عن الواقدي ، أنه قال: هذا الثبت عندنا . وروى أبو مالك النخعي عبد الملك بن حسين ، عن زياد بن علاقة، عن عمارة بن رويبة، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إحدى صلاتي العشي، حين صرفت القبلة، فدار النبي - صلى الله عليه وسلم - ودرنا معه في ركعتين . خرجه ابن أبي داود .

وأبو مالك ، ضعيف جدا .

والصواب: رواية قيس بن الربيع، عن زياد بن علاقة، عن عمارة بن أوس، وقد سبق لفظه .

وروى عثمان بن سعد ، قال: ثنا أنس بن مالك ، قال: انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس وهو يصلي الظهر، وانصرف بوجهه إلى القبلة . خرجه البزار وغيره .

وعثمان هذا، تكلم فيه .

وخرج الطبراني من رواية عمارة بن زاذان ، عن ثابت، عن أنس ، [ ص: 125 ] قال: صرف النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القبلة وهم في الصلاة، فانحرفوا في ركوعهم .

وعمارة، ليس بالقوي .

وخالفه حماد بن سلمة ، فروى عن ثابت، عن أنس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت: قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية، فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة . خرجه مسلم .

وهذا هو الصحيح . فإن كان التحويل قد وقع في أثناء الصلاة، وقد بنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما مضى من صلاته إلى بيت المقدس; استدل بذلك على أن الحكم إذا تحول المصلي في أثناء صلاته انتقل ما تحول إليه، وبنى على ما مضى من صلاته . فيدخل في ذلك الأمة إذا أعتقت في صلاتها وهي مكشوفة الرأس . والسترة قريبة، والمتيمم إذا وجد الماء في صلاته قريبا، وقدر على الطهارة به، والمريض إذا صلى بعض صلاته قاعدا، ثم قدر على القيام . وإن كان التحويل وقع قبل صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه، ولكن لم يبلغ غيرهم إلا في أثناء صلاتهم فبنوا; استدل به على أن من دخل في صلاته باجتهاد سائغ إلى جهة، ثم تبين له الخطأ في أثناء الصلاة، أنه ينتقل ويبني . ويستدل به على أن حكم الخطاب لا يتعلق بالمكلف قبل بلوغه إياه . [ ص: 126 ] ويستدل به - على التقديرين - على قبول خبر الواحد الثقة في أمور الديانات، مع إمكان السماع من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بغير واسطة، فمع تعذر ذلك أولى وأحرى . وما يقال من أن هذا يلزم منه نسخ المتواتر - وهو الصلاة إلى بيت المقدس - بخبر الواحد، فالتحقيق في جوابه: أن خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن، فنداء صحابي في الطرق والأسواق بحيث يسمعه المسلمون كلهم بالمدينة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها موجود لا يتداخل من سمعه شك فيه أنه صادق فيما يقوله وينادي به . والله أعلم .

وقول البراء : "إنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله: وما كان الله ليضيع إيمانكم " . فهذا خرجه مسلم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق ، عن البراء - أيضا . ورواه شريك، عن أبي إسحاق ، عن البراء - موقوفا - في قوله تعالى: وما كان الله ليضيع إيمانكم قال: صلاتكم إلى بيت المقدس .

وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي - وصححه - من حديث سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: لما وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة، قالوا: يا رسول الله، كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت [ ص: 127 ] المقدس; فأنزل الله عز وجل: وما كان الله ليضيع إيمانكم الآية . قال عبيد الله بن موسى: هذا الحديث يخبرك أن الصلاة من الإيمان . وهذا هو الذي بوب عليه البخاري في هذا الموضع; ولأجله ساق حديث البراء فيه . وكذلك استدل به ابن عيينة وغيره من العلماء على أن الصلاة من الإيمان . وممن روي عنه أنه فسر هذه الآية بالصلاة إلى بيت المقدس: ابن عباس من رواية العوفي ، عنه - وسعيد بن المسيب ، وابن زيد ، والسدي وغيرهم . وقال قتادة والربيع بن أنس : نزلت هذه الآية لما قال قوم من المسلمين: كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى؟ وهذا يدل على أن المراد بها الصلاة أيضا; لأنها هي التي تختص بالقبلة من بين الأعمال، ولم يذكر أكثر المفسرين في هذا خلافا، وأن المراد بالإيمان ها هنا الصلاة، فإنها علم الإيمان وأعظم خصاله البدنية .

وروى ابن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد ابن جبير -، عن ابن عباس : وما كان الله ليضيع إيمانكم قال [ ص: 128 ] : أي: بالقبلة الأولى، وتصديقكم نبيكم، واتباعه إلى الآخرة، أي: ليعطينكم أجرهما جميعا، إن الله بالناس لرءوف رحيم

وعن الحسن في هذه الآية، قال: ما كان الله ليضيع محمدا - صلى الله عليه وسلم - وانصرافكم معه حيث انصرف، إن الله بالناس لرءوف رحيم

وهذا القول: يدل على أن المراد بالإيمان التصديق مع الانقياد، الاتباع المتعلق بالقبلتين معا، فيدخل في ذلك الصلاة - أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية