1. الرئيسية
  2. تفسير ابن رجب
  3. تفسير سورة الكهف
  4. تفسير قوله تعالى إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء
صفحة جزء
قال الله تعالى: إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا

قال الزجاج : السرادق: كل ما أحاط بشيء نحو الشقة في المضرب والحائط المشتمل على الشيء . وقال ابن قتيبة : السرادقات: الحرة التي تكون حول الفسطاط، قيل: هو الدهليز، معرب، وأصله بالفارسية: سرادار . وقال ابن عباس : هو سرادق من نار .

وروى ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سرادق أهل النار أربعة جدر، كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة" خرجه الترمذي .

وإحاطة السرادق بهم قريب من المعنى المذكور في غلق الأبواب، وهو شبه [ ص: 656 ] قول من قال: إنه حائط لا باب له .

ولما كان إحاطة السرادق بهم موجب لهمهم وغمهم وكربهم وعطشهم لشدة وهج النار عليهم، قال الله تعالى: وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا وقال تعالى: ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق

قال أبو معشر : كنا في جنازة مع أبي جعفر القاري فبكى أبو جعفر ، ثم قال: حدثني زيد بن أسلم ، أن أهل النار لا يتنفسون، فذلك الذي أبكاني . خرجه الجوزجاني .

وخرج ابن أبي حاتم من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة ، قال: على كل باب من أبواب النار سبعون ألف سرادق من نار، في كل سرادق منها سبعون ألف قبة من نار، في كل قبة منها سبعون ألف تنور من نار، في كل تنور منها سبعون ألف كوة من نار، في كل كوة منها من نار . على كل صخرة سبعون ألف صخرة منها سبعون ألف حجر من نار، على كل حجر منها سبعون ألف عقرب من نار، لكل عقرب منها سبعون ألف ذنب من نار، لكل ذنب منها سبعون ألف فقارة من نار، في كل فقارة منها سبعون ألف قلة من سم وسبعون ألف موقد من نار يوقدون تلك النار،

وذكر تمام الحديث، وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى; وفيه: "إنهم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة" وهو غريب ومنكر، وإبراهيم بن الحكم بن أبان ضعيف تركه الأئمة . [ ص: 657 ] وأبواب جهنم قبل دخول أهلها إليها يوم القيامة مغلقة كما دل عليه ظاهر قوله تعالى: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها

وفي حديث أبي هارون العبدي وهو ضعيف جدا عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة الإسراء، قال: "ثم عرضت علي النار، فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته، لو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها، ثم أغلقت دوني " .

وقد روي أن أبوابها تفتح كل يوم نصف النهار، وسنذكره فيما بعد - إن شاء الله تعالى .

وروى الإمام أحمد عن إسحاق الأزرقي عن شريك عن الركين عن أبيه . قال: رأى خباب بن الأرت رجلا يصلي نصف النهار فنهاه، وقال: إنها ساعة تفتح فيها أبواب جهنم فلا تصل فيها .

وقد ورد ما يستدل به على أنها مفتحة، ففي "الصحيحين " عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ومردة الجن " .

وخرج الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وأغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب" .

ولكن قد قيل: إن إغلاق أبواب النار إنما هو عن الصائمين خاصة، [ ص: 658 ] وكذلك فتح أبواب الجنة هو لهم خاصة .

وفي حديث القاسم العرني عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل رمضان، قال فيه: "فيفتح فيها" أي في أول ليلة منه: "أبواب الجنة للصائمين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فيقول الله: يا رضوان، افتح أبواب الجنان، ويا مالك ، أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذا منقطع . فإن الضحاك لم يسمع من ابن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية