صفحة جزء
[ ص: 143 ] سورة يس

قوله تعالى: إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين

[قال البخاري ] : "باب احتساب الآثار": حدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب: ثنا عبد الوهاب، قال: حدثني حميد عن أنس ، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني سلمة، ألا تحتسبون آثاركم؟ " .

وقال ابن أبي مريم: أنا يحيى بن أيوب: حدثني حميد: حدثني أنس ، أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلوا قريبا من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعروا منازلهم، فقال: "ألا تحتسبون آثاركم؟ " .

قال مجاهد : خطاهم: آثار المشي في الأرض بأرجلهم .

ساقه أولا من حديث عبد الوهاب الثقفي، عن حميد مختصرا، ثم ذكر من رواية يحيى بن أيوب المصري - وهو ثقة، عن حميد مختصرا، ثم ذكر من رواية يحيى بن أيوب المصري وهو ثقة، لكنه كثير الوهم - مطولا، وزاد فيه تصريح حميد بالسماع له من أنس فإن حميدا قد قيل: إنه لم يسمع من أنس إلا قليلا وأكثر رواياته عنه مرسلة، وقد سبق ذكر ذلك، وما قاله الإسماعيلي في تسامح المصريين والشاميين في لفظة "حدثنا" وأنهم لا يضبطون ذلك .

[ ص: 144 ] وقد خرجه في "كتاب الحج " من طريق الفزاري، عن حميد، عن أنس ، قال: أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة، فقال: "يا بني سلمة، ألا تحتسبون آثاركم؟ " .

وبنو سلمة: قوم من الأنصار، كانت دورهم بعيدة من المسجد، فأرادوا أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بملازمة دورهم، وأخبرهم أن خطاهم يكتب لهم أجرها في المشي إلى المسجد .

وخرج مسلم في "صحيحه " من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، قال: كانت دارنا نائية من المسجد، فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقترب من المسجد، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن لكم بكل خطوة درجة" .

ومن حديث أبي نضرة ، عن جابر ، قال: أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، والبقاع خالية . قال: فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا بني سلمة، دياركم تكتب آثاركم " . فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا .

وقوله: "دياركم " بفتح الراء على الإغراء، أي الزموا دياركم .

وخرجه الترمذي من حديث أبي سفيان السعدي ، عن أبي نضرة عن أبي سعيد ، قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد، فنزلت هذه الآية : إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن آثاركم تكتب"، فلم ينتقلوا .

وأبو سفيان ، فيه ضعف .

[ ص: 145 ] والصحيح: رواية مسلم ، عن أبي نضرة عن جابر ، وكذا قاله الدارقطني وغيره .

وخرج ابن ماجه من رواية سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد، فأرادوا أن يقربوا، فنزلت: ونكتب ما قدموا وآثارهم قال: فثبتوا .

وقد ذكر البخاري عن مجاهد ، أنه فسر الآثار - يعني: في هذه الآية بالخطا، وزاد - أيضا - بقوله: آثار المشي في الأرض بأرجلهم .

وفي حديث أنس : "فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعروا المدينة أو منازلهم " .

يعني: يخلوها فتصير عراة من الأرض .

والعراء: الفضاء الخالي من الأرض، ومنه: قوله تعالى: فنبذناه بالعراء

وروى يحيى بن سعيد الأنصاري هذا الحديث، عن حميد، عن أنس ، وقال: "فكره أن يعروا المسجد" .

قال الإمام أحمد : وهم فيه، إنما هو: "كره أن يعروا المدينة" .

التالي السابق


الخدمات العلمية