1. الرئيسية
  2. تفسير ابن رجب
  3. تفسير سورة التحريم
  4. تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة
صفحة جزء
[ ص: 486 ] سورة التحريم

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون

روى شريك، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أوقد على النار ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء كالليل المظلم " خرجه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث أبي هريرة في هذا موقوف أصح، ولا أعلم أحدا رفعه غير يحيى بن أبي كثير عن شريك .

وروى معن، عن مالك ، عن أبي سهيل ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أترونها حمراء كناركم هذه لهي أشد سوادا من القار" خرجه البيهقي ، وخرجه البزار ولفظه: "لهي أشد من دخان ناركم هذه سبعين ضعفا" وروي موقوفا على أبي هريرة وهو أصح، قاله الدارقطني .

وقال الجوزجاني: حدثنا عبيد الله الحنفي، حدثنا فرقد بن الحجاج . سمعت عقبة اليماني يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن نار جهنم أشد حرا من ناركم هذه بتسعة وتسعين جزءا، وهي سوداء مظلمة لا ضوء لها، لهي أشد سوادا من القطران " غريب جدا . [ ص: 487 ] وروى الكديمي عن سهل بن حماد، عن مبارك بن فضالة ، عن ثابت، عن أنس قال: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نارا وقودها الناس والحجارة قال: " أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء لا يضيء لهبها" خرجه البيهقي ، والكديمي ليس بحجة .

وخرج البزار من حديث زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر ناركم هذه فقال: "إنها لجزء من سبعين جزءا من نار جهنم، وما وصلت إليكم - حتى أحسبه قال -: حتى نضحت بالماء مرتين لتضيء لكم، ونار جهنم سوداء مظلمة" .

وفي حديث عدي بن عدي عن عمر مرفوعا ذكر الإيقاد عليها ثلاثة آلاف عام أيضا، وقال: "فهي سوداء مظلمة لا يضئ جمرها ولا لهبها" خرجه ابن أبي الدنيا والطبراني ، وقد سبق إسناده والكلام عليه .

وروى ابن أبي الدنيا من طريق الحكم بن ظهير - وهو ضعيف -، عن عاصم ، عن زر، عن عبد الله وإذا الجحيم سعرت قال: سعرت ألف سنة حتى ابيضت، ثم ألف سنة حتى احمرت، ثم ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة . الحكم بن ظهير ضعيف، والصحيح رواية عاصم عن أبي هريرة كما سبق . وروى الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن سلمان ، قال: النار سوداء مظلمة لا يطفأ جمرها ولا يضيء لهبها، ثم قرأ: وذوقوا عذاب الحريق [ ص: 488 ] خرجه البيهقي من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن أبي معاوية ، عن الأعمش مرفوعا وقال: رفعه ضعيف .

وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب : ضرب الله مثلا للكافرين قال: أو كظلمات في بحر لجي فهو يتقلب في خمس من الظلم: كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومسيره إلى الظلمات إلى النار .

وقال أيضا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس : إن الله جعل هذه النار - يعني نار الدنيا - نورا وضياء ومتاعا لأهل الأرض، وإن النار الكبرى سوداء مظلمة مثل القير - نعوذ بالله منها .

وعن الضحاك قال: جهنم سوداء وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود . وقد دل على سواد أهلها قوله تعالى: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وقوله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه الآية . وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن من عصاة الموحدين من يحترق في النار حتى يصير فحما .

* * *

وقد وصف الله الملائكة الذين على النار بالغلظ والشدة قال الله تعالى: عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [ ص: 489 ] وروى أبو نعيم بإسناده عن كعب ، قال: إن الخازن من خزان جهنم مسيرة ما بين منكبيه سنة; وإن مع كل واحد منهم لعمود له شعبتان من حديد . يدفع به الدفعة فيكب به في النار سبعمائة ألف .

وروى عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده عن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أن الملك من خزنة جهنم ما بين منكبيه مسيرة خريف، فيضرب الرجل من أهل النار الضربة فيتركه طحينا من لدن قرنه إلى قدمه .

وفي رواية أخرى له قال: بلغنا أن خزنة النار تسعة عشر ما بين منكبي أحدهم مسيرة خريف; وليس في قلوبهم رحمة إنما خلقوا للعذاب .

وروى الجوزجاني بإسناده عن صالح أبي الخليل قال: ليلة أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعث الله إليه نفرا من الرسل فتلقوه بالفرح والبشر . وفي ناحية المسجد مصل يصلي لا يلتفت إليه; فقام إليه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكم من أحد إلا قد رأيت منه البشر والفرح غير صاحب هذه الزاوية" فقالوا: أما إنه قد فرح بك كما فرحنا . ولكنه خازن من خزان جهنم .

وروى بكر بن خنيس، عن عبد الملك الجسري، عن الحسن أن جبريل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو أن خازنا من خزان جهنم أشرف على أهل الأرض لمات أهل الأرض مما يرون من تشويه خلقه " مرسل ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية