قوله تعالى 
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين فيه مسألتان : 
الأولى - قوله تعالى : " وقاتلوهم " أمر بالقتال لكل مشرك في كل موضع ، على من رآها ناسخة . ومن رآها غير ناسخة قال : المعنى قاتلوا هؤلاء الذين قال الله فيهم : " 
فإن قاتلوكم  " والأول أظهر ، وهو أمر بقتال مطلق لا بشرط أن يبدأ الكفار . دليل ذلك قوله تعالى : " 
ويكون الدين لله  " ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=650379أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله  ) . فدلت الآية والحديث على أن 
سبب القتال هو  [ ص: 584 ] الكفر  ; لأنه قال : " حتى لا تكون فتنة " أي كفر ، فجعل الغاية عدم الكفر ، وهذا ظاهر . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة  والربيع   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي  وغيرهم : الفتنة هناك الشرك وما تابعه من أذى المؤمنين . وأصل الفتنة : الاختبار والامتحان ، مأخوذ من فتنت الفضة إذا أدخلتها في النار لتميز رديئها من جيدها . وسيأتي بيان محاملها إن شاء الله تعالى . 
الثانية - قوله تعالى : " 
فإن انتهوا  " أي عن الكفر ، إما بالإسلام كما تقدم في الآية قبل ، أو بأداء الجزية في حق أهل الكتاب ، على ما يأتي بيانه في " براءة " وإلا قوتلوا وهم الظالمون لا عدوان إلا عليهم . وسمي ما يصنع بالظالمين عدوانا من حيث هو جزاء عدوان ، إذ الظلم يتضمن العدوان ، فسمي جزاء العدوان عدوانا ، كقوله : " 
وجزاء سيئة سيئة مثلها  " . [الشورى : 40] . والظالمون هم على أحد التأويلين : من بدأ بقتال ، وعلى التأويل الآخر : من بقي على كفر وفتنة . . 
* * *