1. الرئيسية
  2. زهرة التفاسير
  3. تفسير سورة يوسف
  4. تفسير قوله تعالى أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون
صفحة جزء
سبيل الله

قال تعالى:

أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين [ ص: 3872 ] وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون

* * *

إن من يخدعه الشيطان يكون في لهو عن مستقبله يستغرقه حاضره اللاعب اللاهي، ولا يتخذ من الماضي لغيره أو له عبرة يتعرف بها المستقبل، بل هو ساه في لهو لا يفكر في أمر مستقبله، كأنه أمنه واستقر على ما يجيء به، ولذا قال تعالى في المشركين الذين استغرقهم حاضرهم وما هم فيه: أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله (الفاء) مقدمة عن تأخير; لأن الاستفهام له الصدارة دائما، أو الهمزة داخلة على فعل مناسب محذوف دل عليه ما بعده، ألهوا وأشركوا وعبثوا أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أي: أي غاشية من الغواشي التي تكون من عذاب، فتعمهم من فوقهم ومن أسفل منهم، وكأنها ثياب تغشاهم وتعمهم، وتكون سابغة عليهم، ولهم في ذلك العبر من الأمم العربية التي كفروا بأنعم الله فجاءتها ريح صرصر عاتية، أو جعل الله تعالى عاليها سافلها أو دمر الله عليهم، كما قال تعالى فيهم: أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم [ ص: 3873 ]

أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون إما أن تأتيهم نقمة تخصهم لكفرهم وغيهم وفسادهم في الأرض، وإما أن تأتيهم القاضية، وهي ساعة القيامة، وسمي يوم القيامة ساعة، لأنه يتم بين غمضة عين وانتباهتها، وفي هذا إشارة إلى أن أعمال الكافرين أعمال من يظن الحياة الدنيا دائمة، ولا يترقب يوم القيامة وما وراءه، وقوله تعالى: وهم لا يشعرون بإقبالها، وقوله: بغتة إشارة إلى أنها تفجؤهم من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون، بل هم في غيهم مستمرون.

وإن الله تعالى أمر نبيه بأن يدعوهم إلى الحق غير مبال بإنكارهم وعنادهم، وإنه مستمر في دعوته لا يني عنها أبدا.

التالي السابق


الخدمات العلمية