صفحة جزء
[ ص: 4114 ] وإني أميل إلى هذا؛ لأنه يتفق مع بيان القرآن لهؤلاء المقتسمين، فقد قال تعالى في تعريفهم: الذين جعلوا القرآن عضين .

عضين جمع عضة والمعنى صار أجزاء مفرقة هي باطلة في ذاتها، وهي تفرقة في أمر لا يقبل التجزئة قط وهو جمع، و (عضون) جمع سالم على غير القياس، والواحد - كما ذكرنا - عضة، أي قسما مفرقا من قولهم عضيت الشيء تعضية إذا فرقته، وكل فرقة عضة.

والمعنى أن هؤلاء المقتسمين لم يأخذوا بما فيه، ولم يعتبروا بعبره، بل قسموه على حسب أهوائهم أقساما باطلة لا أصل لها في حقيقته فتركوا تدبره وتعرفه وإدراك ما فيه من إنذار وتبشير ومعرفة وحكمة، وما فيه من أخبار السابقين، والكشف عما يكنه الغيب بالنسبة للمستقبل، وعكسوا أهواءهم عليه، فجعلوها أقساما له، وهي باطلة في ذاتها وباطلة بالنسبة للحاضر، وبذلك كان بينهم وبينه حجابا مستورا، نسجوه من أوهامهم فزادوا بذلك ضلالا فوق ضلالهم.

وإنهم بذلك ارتكبوا إثما مبينا، وحجبوا أنفسهم عن النور، وإن الله سبحانه وتعالى سيحاسبهم على ذلك حسابا عسيرا؛ ولذلك قال تعالى:

التالي السابق


الخدمات العلمية