صفحة جزء
ثم بين سبحانه ثواب الآخرة أو بعضه، فقال.

جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين .

جنات بدل أو عطف بيان لدار المتقين، إنها جنات عدن بها إقامة دائمة ثابتة، يجتمع فيها جمال المنظر والري، تجري من تحتها الأنهار وتلك متعة النظر، فيكون خرير الماء مع ما يحوطه من خضرة تسر الناظرين بنضرتها، وترتاح النفوس بمنظرها، وبين بعد ذلك أن هذا المنظر الجميل الذي يشرح الصدر معه التمكن من كل ما يحبون؛ ولذا قال بعد ذلك: لهم فيها ما يشاءون من خير، وما يريدون من طيب لا يمنع عنهم شيء، وإذا كانوا قد حرموا في الدنيا من مال ونسب فهم في الآخرة ممكنون، وإذا كانوا قد صبروا أنفسهم لله تعالى، فإن الله تعالى قدر عناءهم بأن مكنهم من كل ما يريدون، منطلقة إرادتهم ومشيئتهم، وقال تعالى في آية أخرى: وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين

كذلك يجزي الله المتقين أي كهذا الجزاء الذي نراه للذين اتقوا ربهم يجزي الله المتقين دائما، وهذا تشبيه أو تصوير لمعنى المكافأة الذي يكافئ الله تعالى بها عباده، فهو تصوير للمعنى الكلي في جزاء الله للمتقين بهذه الحال التي ينالها المتقون، وهم المحسنون الذين أتقنوا أعمالهم، بإحكامها، وإحكام الخير وإحسانه يكون أولا: بتطهير النفس من الأهواء والآثام، ويكون بالنية الصادقة الصافية، وثانيا: بالعمل الصالح.

التالي السابق


الخدمات العلمية