1. الرئيسية
  2. زهرة التفاسير
  3. تفسير سورة النحل
  4. تفسير قوله تعالى الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون
صفحة جزء
[ ص: 4245 ] الصد عن سبيل الله ومقام الرسالة المحمدية

قال تعالى:

الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونـزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين

إن المشركين كانوا لا يكتفون بشركهم في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل كانوا يؤذون المؤمنين ليفتنوهم عن دينهم، ويستقبلون وفود الحجيج، ليخبروهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد اقتسموا مداخل مكة ليمنعوا الناس عن تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهم لا يكتفون بشركهم، بل كانوا يصدون الناس عن الحق، وهو سبيل الله والطريق الصحيح الموصل لعبادته، فهؤلاء لهم عذابان: عذاب الشرك، وعذاب الصد عن سبيل الله، زاده الله تعالى عليهم؛ لأنهم زادوا على أنفسهم رجسا بعد رجس؛ ولذا قال تعالى:

الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون

الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وهم الذين لم يؤمنوا بالرسالة المحمدية، والكفر يشمل الشرك بالله بعبادة الأوثان، وأهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وبعض من نسميهم أهل كتاب يدخلون في الشرك من بابه، وهم الذين يعبدون المسيح، أو يقولون: إنه ابن الله، ويصفونه بالرب ويعبدون روح القدس، ويقولون: الله ثالث ثلاثة، فكلمة (الذين كفروا) يدخل في عمومها أهل [ ص: 4246 ] الكتاب كما قال تعالى: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة وقد ذكر الله تعالى ذلك الوصف للمشركين وأهل الكتاب؛ لأن الصد عن سبيل الله وقع من المشركين، ووقع من أهل الكتاب في عصر تبليغ الرسالة، وهو الآن يقع على أشده من أهل الكتاب. وقد كان صد المشركين بالأذى ينزل بالضعفاء، وبالسخرية تنزل بأهل الشرف والمروءة، وبالتضليل ما استطاعوا بالرسالة المحمدية، وشاركهم في ذلك اليهود، وخصوصا بعد الهجرة إلى المدينة الطاهرة، وقد ذكرنا كيف كانوا يقتسمون مداخل المدينة، ليضلوا الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم أبو لهب بن عبد المطلب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحفيد هاشم رأس البيت الهاشمي المجيد.

وقد قال تعالى: في عقاب هؤلاء الصادين: زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون أي أنهم يزاد عليهم عذاب بسبب ذلك التضليل والصد عن سبيل الله، وذلك فساد في الأرض؛ ولذا قال سبحانه: بما كانوا يفسدون أي بسبب فسادهم، وأي فساد أكبر من الصد عن سبيل الله، وهو سبيل الحق، وتبليغ الرسالة الإلهية.

التالي السابق


الخدمات العلمية