صفحة جزء
فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا ومجمع البحرين الذي بلغه نبي الله (تعالى) موسى - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم - يكون في المكان الذي خرج إليه موسى من أرض مصر؛ وقد خرج إلى "سينا "؛ و "الأردن "؛ فهذه الأرض كانت المسار الذي يسير فيه؛ وهنا مجمعان كانا في ذلك الزمان؛ فكان هنا مجمع يلتقي فيه الخليج الفارسي بالمحيط الهندي؛ وهنا مجمع يلتقي فيه البحر الأحمر؛ أو بحر القلزم ببحر الأردن؛ وهو خليج العقبة؛ ولا يهمنا أيهما؛ إنما يهمنا أن موسى - عليه السلام - كان هدفه الوصول إلى مجمع البحرين؛ أيهما في هذه المنطقة؛ وقد يكون قد سار إلى كل واحد منهما في نوبة من نوبات سيره؛ ويظهر أنه في هذه الرحلة المتعرفة الباحثة؛ التي يرتادها؛ قد أعد للرحلة عدتها؛ فأخذ معه حوتا؛ يشويانه هو وفتاه في رحلتهما؛ سدا للجوع؛ ولما بلغا مجمع البحرين تبين لهما أنهما تركا الحوت؛ نسيانا له؛ ولاشتغالهما بأمر الرحلة؛ وتعرف طرائقها المعبدة؛ ولذا قال (تعالى): فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما والنسيان لم يكن وقت البلوغ؛ ولكن تبين النسيان في ذلك؛ لأنهما بحثا [ ص: 4556 ] عنه؛ فلم يجداه؛ ولم يكن الحوت ميتا؛ بل كان حيا; ولذا لما نسياه اتخذ طريقه في البحر سربا؛ أي أنه أخذ يتقلب حتى وصل إلى البحر؛ فاتخذ سبيله في البحر سربا و "السرب ": المسلك؛ وهو من "سرب "؛ بمعنى "سلك "؛ ويظهر أنه لم يقف عند مجمع البحرين؛ بل اجتازه؛ ولذا قال (تعالى):

التالي السابق


الخدمات العلمية