صفحة جزء
وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا هذان الوصفان يضافان إلى الأوصاف الثلاثة السابقة؛ أول الوصفين إيجابي؛ والثاني سلبي؛ أما الوصف الأول؛ فهو أنه كان برا بأبويه؛ وهو استجابة لزكريا; لأنه كان يخاف الموالي من ورائه؛ فجاءه البر به؛ وبأمه؛ والذي به تقر أعينهما؛ ولا يجدون شقوة في عشرته؛ بل يصاحبهما صحبة طيبة كريمة برة.

والوصف الثاني سلبي؛ وهو أنه لم يكن جبارا؛ مستكبرا؛ مستطيلا على الناس بقوته؛ أو رهبته؛ بل كان أليفا؛ متطامنا؛ مطمئن النفس؛ عادلا؛ لا يرهب؛ ولا يتجبر؛ ووصف الجبار بأنه عصي؛ وكل جبار عصي; لأنه يعصي بالبعد عن الناس؛ ويعصي بمجافاتهم؛ ويعصي بعداوتهم؛ ويعصي بالظلم؛ فالظلم مرتعه وخيم؛ ويشقى فوق ذلك بغضب الله (تعالى) عليه؛ وحسب الظلم شقاء؛ فإنه لا يظلم إلا [ ص: 4619 ] شقي؛ ولا يسعى مع ظالم إلا شقي؛ و "العصي "؛ "فعيل "؛ من "عصى "؛ من "العصيان "؛ وهو مبالغة؛ وقد كرم الله (تعالى) يحيى بتحية كريمة له؛ فقد حياه (تعالى) من وقت أن ولد إلى أن مات؛ فقال (تعالى):

التالي السابق


الخدمات العلمية