1. الرئيسية
  2. زهرة التفاسير
  3. تفسير سورة طه
  4. تفسير قوله تعالى يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا
صفحة جزء
يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا أي: يومئذ - وقت نسف الجبال؛ وأن تكون الأرض قد استوت؛ ليس بها بناء؛ ولا ديار؛ ولا حجر؛ ولا مدر؛ ولا قيعان ملساء؛ ولا نبات؛ ولا شجر؛ ولا عوج؛ ولا أمت - في هذا اليوم؛ وفي ذلك الوقت؛ يدعو الداعي؛ فتكون الإجابة من غير اعوجاج؛ كما أن الدعوة لا اعوجاج فيها؛ فالضمير في "له "؛ يعود إلى الداعي؛ والداعي هو ملك؛ وكل إليه أمر دعوة الخلق التي يكون بها البعث؛ ويستجيب لها الجميع؛ من غير تلكؤ؛ مسارعين؛ مستجيبين؛ ونفى العوج عن الداعي باعتبار أن دعوته مستقيمة؛ لا استثناء فيها؛ وعن المدعوين أيضا؛ باعتبار أن استجابتهم مستقيمة؛ لا عوج فيها؛ ويستجيبون سائرين في خط مستقيم؛ لا التواء فيه؛ فالدعوة حاسمة؛ والاستجابة لا عصيان فيها؛ وخشعت الأصوات أي: خضعت؛ وبدت فيها الاستكانة؛ والخضوع [ ص: 4789 ] لله (تعالى)؛ فكل صوت انخفض؛ وكل جهارة في القول؛ والخضوع للرحمن؛ وهو القهار في ذلك اليوم؛ ووصف بالرحمة؛ لأنه يوم العدل؛ والعدل هو الرحمة؛ فكل يأخذ حقه؛ ويؤدي ما عليه؛ ويحاسب على ما قدمت يداه؛ إن خيرا فخير؛ وإن شرا فشر؛ إذا كان ذلك الخشوع خشية من الرحمن العادل؛ فلا تسمع إلا همسا إلا صوتا خفيا؛ وقالوا: إنه صوت وقع الأقدام؛ فلا حديث؛ ولا كلام؛ هلعا وفزعا.

وكل إنسان مقدم على أمر أحس بخطورته؛ وقد اعترته هيبة اللقاء؛ وأحس بالحساب؛ ولا يدري ما الله فاعل به؛ فالأبرار يستقلون حسناتهم؛ ويعدون أخطاءهم كبائر؛ والأشرار يعروهم الإحساس بآثامهم؛ وعظم ما ارتكبوا؛ ويجدون عملهم محضرا؛ ويعانون ما أنكروه من قبل؛ وهو البعث؛ والحساب.

التالي السابق


الخدمات العلمية