صفحة جزء
فذرهم في غمرتهم حتى حين ؛ الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، والضمير يعود إلى المشركين ، فإنهم حاضرون في ذهن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أنهم في كفرهم وعنادهم؛ موضوع القول ، وتسرية الله لنبيه لأجل أذاهم المستمر اللحوح ، و " الغمرة " : الماء الكثير الذي يغمر من ينزل فيه ، والمراد: الجهالة ، أي: ذرهم في جهالتهم التي غطت عقولهم وفكرهم كما تغطي الغمرة التي تغطي أجسامهم ، وإن جهالتهم هذه جعلتهم في حيرة بين حق رأوا دلائله ، وباطل قد استولى على نفوسهم ، وقوله (تعالى): حتى حين إلى حين ليس ببعيد ، وإنه لقريب; لأنه واقع ، وكل واقع قريب؛ مهما يتباعد زمانه؛ والفاء فاء الإفصاح ، والمعنى: إذا كانوا قد أعرضوا عن الحق ، ولجوا في إعراضهم جهالة وحيرة؛ فذرهم حتى حين ، والحين الذي ينتهي عنده انتظار أمر الله [ ص: 5085 ] هو ما بعد الهجرة ، ولقاؤهم في ميدان القتال ، ويكون دفع ظلمهم؛ ووقفهم عند حدودهم ، ولا يصح أن يظنوا أن مالهم وأولادهم تغني عنهم شيئا ، ولذا قال (تعالى):

التالي السابق


الخدمات العلمية