صفحة جزء
وقد أفرط المشركون في إنكارهم؛ فقالوا: لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين ؛ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدهم بالبعث والنشور في أول دعوته لهم؛ فقد قال - عندما أمره ربه أن يصدع بأمر ربه - وقال له: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ؛ وعندما قال له - عز وجل -: وأنذر عشيرتك الأقربين ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: " والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون " ؛ واستمر يكرر هذه الدعوة لهم؛ غير وان؛ ولا مقصر؛ وبمقدار استمراره كان جحود المشركين; ولذا أخبر الله (تعالى) عنهم: لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل ؛ أكدوا أنهم وعدوا وآباؤهم الذين أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل هذا الزمان؛ وقد أكدوا أنه وعدهم بـ " قد " ؛ وباللام؛ ولكن مع توكيد وعدهم أكدوا إنكارهم له؛ فقد قالوا: إن هذا إلا أساطير الأولين ؛ " إن " ؛ نافية؛ أي: ما هذا الوعد المكرر إلا أكاذيب الأولين التي تقال في موضع السمر والتفكه بفارغ القول؛ جاء في مفردات الراغب في الأساطير: قال المبرد: هي جمع " أسطورة " ؛ نحو " أرجوحة " ؛ و " أراجيح " ؛ و " أثفية " ؛ و " أثافي " ؛ و " أحدوثة " ؛ و " أحاديث " ؛ أي أنها أخبار غير صادقة؛ يتفكه بها؛ ويقطع الوقت بالسمر عليها؛ فليست حقا يتبع؛ ولا جدا من القول يتعظ به.

التالي السابق


الخدمات العلمية