صفحة جزء
وقد أكد - سبحانه - أنهم ما لبثوا إلا قليلا؛ والقلة بالنسبة للآخرة؛ ولذا قال - عز من قائل -: قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ؛ " إن " ؛ نافية؛ أي: ما لبثتم إلا زمنا قليلا; لأن الدنيا متاع قليل غير باق؛ والآخرة خير وأبقى؛ فمهما تطل الآجال في الدنيا فهي فانية؛ والفاني قليل إذا وزن بالباقي الذي لا يفنى؛ وذلك ما لم يكونوا يعلمونه؛ إذ كانوا يقولون: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ولذا قال (تعالى): لو أنكم كنتم تعلمون ؛ أي: لو ثبت وقر في نفوسكم أنكم كنتم تعلمون حقيقة هذه الدنيا؛ وأنها معبر - طال [ ص: 5127 ] زمنه أو قصر - إلى حياة دائمة باقية؛ إما أن تكون عذابا مستقرا؛ أو فانية؛ أو نعيما باقيا؛ و " لو " ؛ حرف امتناع لامتناع؛ أي: امتنع علمكم في الآخرة لامتناع علمكم في الدنيا بأنها سنون قليلة بالنسبة للآخرة؛ وقد أكد نفي علمهم بـ " إن " ؛ وبـ " كان " ؛ ولله في خلقه شؤون؛ وقد انتفى علمهم؛ لأنهم حسبوا أنه لا حياة بعد الموت; ولذا قال - عز من قائل -:

التالي السابق


الخدمات العلمية