صفحة جزء
وقد بين الله (تعالى) أن هذا الثبور الذي نادوه لاجئين إليه من عظيم الإحساس بالآلام؛ أو متحرين مما نزل بهم؛ ليس ثبورا واحدا؛ بل هو هلاك متتال؛ لا قصور فيه؛ فقال (تعالى): لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ؛ النهي عن أن يدعوا وينادوا ثبورا واحدا ينقذهم من آلامهم؛ أو يتحسرون به لما هم فيه؛ بل هو ثبور متوال عليهم وقتا بعد آخر; لأن أسبابه قائمة مستمرة باستمرار حالهم؛ وهي إلقاؤهم في مكان ضيق؛ يلقى بضيقه وعذابه؛ ووضع الأصفاد التي تجمع أيديهم إلى أعناقهم؛ فتستمر دعوة الثبور ونداؤهم ما داموا في جهنم؛ وهي خالدة إذ هم فيها خالدون؛ وكلما نضجت جلودهم بدلهم الله (تعالى) جلودا غيرها ليذوقوا العذاب المستمر.

هذه حالهم؛ وهي حال هلاك مستمر ينادونه ويطلبونه تحسرا؛ أو إنقاذا مما هم فيه؛ فهي حياة هلاك متجدد آنا بعد آن؛ وقد ذكر - سبحانه - بعد ذلك حال المتقين بعد الساعة.

التالي السابق


الخدمات العلمية