صفحة جزء
وقد حسب المشركون - لجهلهم وجحودهم - أن ذلك ينال من الذكر الحكيم؛ [ ص: 5277 ] فبين الله (تعالى) الحكمة واضحة نيرة موضحة مفسرة؛ وقال: ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ؛ إنهم قد سدت عليهم المسالك كشأن كل مبطل يريد أن يثير لجاجة في القول؛ والريب حول حقيقة ثابتة لا مجال للريب فيها؛ فهم أنكروا أن يكون آية؛ وطلبوا غيره مع عجز صارخ عن أن يأتوا بمثله؛ وجاؤوا بعد إلى أمر شكلي حوله يريدون أن يتخذوا منه سبيلا لأن يقولوا: إن محمدا اصطنعه اصطناعا؛ بعد أن قالوا: إنه أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا؛ قالوا: لماذا لا ينزل جملة واحدة؛ فبين الله (تعالى) حكمته العليا في أنه نزل مفرقا؛ وقال: ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ؛ " المثل " : الحال والصورة؛ أي: لا يأتونك بحال يتوهمون أنها تلقي بريب أو شك؛ إلا جئناك بالأمر الثابت الذي لا ريب فيه؛ فيلقمهم الحجة؛ ويزداد الحق نصوعا؛ وسطوعا؛ وبيانا يقطع جهيزة كل متكلم؛ وأحسن تفسيرا ؛ أفعل التفضيل ليس على بابه؛ لأنهم ليس لهم تفسير للحقائق حتى يكون بيان القرآن أحسن منه؛ إنما الظاهر أن بيان الحقائق في القرآن لا يوجد بيان أعلى منه؛ ولا أجمل؛ ولا أوضح؛ فـ " التفسير " : البيان؛ وكان الله سخرهم باعتراضهم لتزداد حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وضوحا؛ والله عليم حكيم؛

التالي السابق


الخدمات العلمية