صفحة جزء
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين أقسم الطاغي بما يقسم به عنده أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أي يقطع من جانب يدا ويقطع من الجانب الآخر رجلا، وأقسم أيضا ليصلبنهم أجمعين، ولا يستثني أحدا، وقد صرح في آية أخرى بأنه يصلبهم في جذوع النخل.

وهكذا يبتكر الطغيان هذا العقاب الشديد، روى الحسن البصري ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما: إن فرعون أول من عاقب بقطع اليد والأرجل من [ ص: 2928 ] خلاف والصلب.

وقد كنا نقرأ ذلك ونعجب من أن يكون هذا من فرعون، ويرضى به الشعب المصري، ولكن رأينا ما يقرب منه من طاغية يحاكيه في غير عصره، ورأينا من الشعب المصري من يهلل ويكبر، ويعاون!!

هذا ما هدد به فرعون ونفذ واختص السحرة بذلك؛ لأنهم أول من تمرد عليه من الشعب، وخشي أن يسري التمرد فشدد العقاب، وترك موسى وأخاه مؤقتا; لأنهما لم يكونا من المصريين، بل كانا من بني إسرائيل، ومع ذلك سينتبه إليهم.

وماذا كان موقف من آمنوا عن بينة، وعرفوا الفرق بين السحر والمعجزة؟ لقد قوي إيمانهم; لأن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب سكن فيها، ولا يستطيع أحد ولو كان فرعون ومن يحاكيه - أن يخرجه من الصدور؛ لأنه وديعة القوي الجبار الرحمن الرحيم.

التالي السابق


الخدمات العلمية