صفحة جزء
[ ص: 185 ] الباب التاسع

في كتابة القرآن وإكرام المصحف

اعلم أن القرآن العزيز كان مؤلفا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما هو في المصاحف اليوم، ولكن لم يكن مجموعا في مصحف، بل كان محفوظا في صدور الرجال، فكان طوائف من الصحابة يحفظونه كله، وطوائف يحفظون أبعاضا منه.

فلما كان زمن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وقتل كثير من حملة [ ص: 186 ] القرآن خاف موتهم واختلاف من بعدهم فيه، فاستشار الصحابة - رضي الله عنهم - في جمعه في مصحف، فأشاروا بذلك، فكتبه في مصحف وجعله في بيت حفصة أم المؤمنين - رضي الله عنها - فلما كان في زمن عثمان - رضي الله عنه - وانتشر الإسلام خاف عثمان وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن أو الزيادة فيه، فنسخ من ذلك المجموع الذي عند حفصة الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحف، وبعث بها إلى البلدان، وأمر بإتلاف ما خالفها.

وكان فعله هذا باتفاق منه، ومن علي بن أبي طالب ، وسائر الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم.

وإنما لم يجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في مصحف واحد لما كان يتوقع من زيادته ونسخ بعض المتلو، ولم يزل ذلك التوقع إلى وفاته صلى الله عليه وسلم.

فلما أمن أبو بكر وسائر أصحابه ذلك التوقع، واقتضت المصلحة جمعه - فعلوه رضي الله عنهم.

واختلفوا في عدد المصاحف التي بعث بها عثمان ، فقال الإمام أبو عمرو الداني : أكثر العلماء على أن عثمان كتب أربع نسخ:

1 - فبعث إلى البصرة إحداهن.

2 - وإلى الكوفة أخرى.

3 - وإلى الشام أخرى.

4 - وحبس عنده أخرى.

وقال أبو حاتم السجستاني : كتب عثمان سبعة مصاحف:

[ ص: 187 ] بعث واحدا إلى مكة ، وآخر إلى الشام ، وآخر إلى اليمن ، وآخر إلى البحرين ، وآخر إلى البصرة ، وآخر إلى الكوفة ، وحبس بالمدينة واحدا.

وهذا مختصر ما يتعلق بأول جمع المصحف ، وفيه أحاديث كثيرة في الصحيح.

وفي المصحف ثلاث لغات: ضم الميم، وكسرها وفتحها، فالضم والكسر مشهورتان، والفتح ذكرها أبو جعفر النحاس وغيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية