الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام

الهروي - أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي

صفحة جزء
[ ص: 132 ] باب : الحدود وما نسخ منها

238 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس في قوله عز وجل : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا قال : وقال في المطلقات لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، قال : " هؤلاء الآيات قبل أن تنزل سورة النور في الجلد ، فنسختها هذه الآية : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة قال : " فالسبيل الذي جعله الله عز وجل لهن الجلد والرجم ، فإذا جاءت اليوم بفاحشة مبينة ، فإنها تخرج وترجم بالحجارة

239 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية في قوله : واللذان يأتيانها منكم فآذوهما قال : " كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت ، وكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير والضرب بالنعال قال : ثم أنزل الله عز وجل : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة قال : وإن كانا محصنين رجما بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فهو سبيلهما الذي جعل الله عز وجل لهما ، يعني قوله : يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا

240 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو النضر ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر ، والثيب بالثيب ، البكر يجلد وينفى والثيب يجلد ويرجم

241 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد ، عن ميمون المرائي ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله ، عن عبادة بن الصامت قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي عرفنا ذلك فيه وغمض عينيه وتربد وجهه قال : فنزل عليه فسكتنا ، فلما سري عنه قال : " خذوهن اقبلوهن

[ ص: 134 ] قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة ، ثم نفي عام ، والثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم
.

قال أبو عبيد : " فهذا ما نسخ من حدود المسلمين في الزنا ، وأما ما نسخ من حدود أهل الذمة "

242 - فإن هشيما حدثنا قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، والشعبي في قوله عز وجل : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم قالا : " فإذا ارتفع أهل الكتاب إلى حكام المسلمين ، فإن شاء الحاكم حكم بينهم ، وإن شاء أعرض عنهم ، فإن حكم بينهم حكم بما في كتاب الله عز وجل

243 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس في قوله عز

[ ص: 135 ] وجل : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم قال : " نسخها قوله عز وجل : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله

244 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال : أخبرنا منصور ، عن الحكم ، عن مجاهد في قوله : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله قال : " نسخت ما قبلها : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم

245 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن السدي ، عن عكرمة : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم قال : " نسختها : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله

246 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال : أخبرنا

[ ص: 136 ] العوام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي في قوله : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله قال : " بالرجم

247 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مجاهد قال : " لم ينسخ من المائدة إلا آيتان : قوله عز وجل : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم نسخها قوله عز وجل : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله قال : وقوله : لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام نسخها قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم

[ ص: 137 ]

248 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن بيان ، عن الشعبي قال : " لم ينسخ من المائدة إلا قوله عز وجل : لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام

249 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسحاق بن يوسف ، عن ابن عون قال : سألت الحسن : هل نسخ من المائدة شيء ؟ فقال : " لا

250 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة قال : " في المائدة ثماني عشرة فريضة وليس فيها منسوخ .

[ ص: 138 ] قال أبو عبيد : " فهذا ما جاء في نسخ حدود الزنا ، وأما حدود القصاص "

251 - فإن هشيما حدثنا ، قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن الشعبي في قوله : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد قال : " كان بين حيين من أحياء العرب قتال ، وكان لأحد الحيين تفضل على الأخرى ، فقالوا : نقتل بالعبد منا الحر منكم وبالمرأة منا الرجل ، فنزلت هذه الآية ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتباءوا . قال : هكذا قال هشيم وهي في العربية : يتباوءوا ، مثالها : يتباوعوا

252 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد قال : " كانوا

[ ص: 139 ] لا يقتلون الرجل بالمرأة ، ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ، فأنزل الله عز وجل : النفس بالنفس قال : فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم في العمد ، رجالهم ونساؤهم في النفس وفيما دون النفس متساوين فيما بينهم في العمد في النفس ، وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم .

قال أبو عبيد : " يذهب ابن عباس فيما نرى إلى أن الآية التي في المائدة النفس بالنفس ليست بناسخة للتي في البقرة : الحر بالحر والعبد بالعبد ولا هي خلافها ، ولكنهما جميعا محكمتان ، إلا أنه رأى أن التي في المائدة كالمفسرة للتي في البقرة فتأول أن قوله : النفس بالنفس إنما هو على أن أنفس الأحرار متساوية فيما بينهم دون العبيد ، وأنهم يتكافؤون دماؤهم ذكورا كانوا أم إناثا ، وأن أنفس المماليك متساوية فيما بينهم دون الأحرار في شيء من ذلك من نفس ، ولا ما دونها لقوله عز وجل : الحر بالحر والعبد بالعبد وهذا قول مالك بن أنس وأهل الحجاز ، لا يرون أن يقتص من الحر للمملوك في نفس ولا غيرهما ، وأما أهل العراق ، فيرون أن من رأى منهم أن آية : الحر بالحر والعبد بالعبد منسوخة نسختها : النفس بالنفس في قوله ، فيجعلون بين الأحرار والعبيد القصاص في النفس خاصة ولا يرون فيما دون ذلك بينهم قصاصا "

[ ص: 140 ] قال أبو عبيد : " والقول الذي نختاره في هذا ما قال أهل المدينة من جهتين أحدهما : تأويل القرآن الذي فسره ابن عباس والأخرى أنه قول يوافق بعضه بعضا ولا يختلف ، وأما القول الآخر فليس بمتفق من التنزيل إنما هو على نسق واحد : أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن ، فأخذ هؤلاء بأول الآية وهو قوله : النفس بالنفس وتركوا ما وراء ذلك ، وليس لأحد أن يفرق بين ما جمع الله عز وجل فيأخذ ببعضه دون بعض إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة ، فهذا ما نسخ من حدود القرآن ، وأما ما نسخ من حدود السنة :

253 - فإن هشيما حدثنا ، قال : أخبرنا عبد العزيز بن صهيب ، وحميد ، قالا : حدثنا أنس بن مالك ، أن ناسا من عرينة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة ، فتشربوا من أبوالها وألبانها " ، ففعلوا فصحوا ومالوا على الرعاء فقتلوهم ، وارتدوا عن الإسلام ، واستاقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعث في آثارهم ، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركوا بالحرة حتى ماتوا .

[ ص: 141 ]

254 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن حميد ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك .

255 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا مالك بن إسماعيل ، عن زهير بن معاوية ، عن سماك بن حرب عن معاوية بن قرة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ، إلا أنه قال : وسمر أعينهم قال : والمحفوظ عندنا اللام.

قال أبو عبيد : وقد ذكرت العلماء أن هذا قد نسخ وأنه كان في أول الإسلام

256 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن همام ، عن قتادة ، عن ابن سيرين قال : " كان أمر العرنيين قبل أن تنزل الحدود .

257 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الكريم ، أنه سمع سعيد بن جبير ، يحدث بهذا الحديث إلا أنه " جعلهم من بني سليم قال : ثم نزلت : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض

[ ص: 142 ]

258 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية ، قال : " من شهر السلاح وأخاف السبيل ثم ظفر به وقدر عليه ، فإمام المسلمين فيه بالخيار إن شاء قتله ، وإن شاء صلبه ، وإن شاء قطع يده ورجله قال : ثم قال : أو ينفوا من الأرض ، قال : أن يغربوا حتى يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب أو قال : إلى دار الشرك

259 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال : أخبرنا ليث ، عن مجاهد ، وعطاء ، وعبيدة ، عن إبراهيم ، وأبو حرة ، عن الحسن ، وجويبر ، عن الضحاك قالوا : " الإمام مخير في المحارب إن شاء قتل ، وإن شاء قطع ، وإن شاء صلب ، وإن شاء نفى ، أي ذلك شاء فعل

[ ص: 143 ]

260 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو معاوية ، عن حجاج ، عن عطية العوفي ، عن ابن عباس قال : " إذا خرج الرجل محاربا ، فأخاف السبيل وأخذ المال ، قطعت يده ورجله من خلاف ، وإن أخذ المال وقتل ، قطعت يده ورجله من خلاف ثم صلب ، وإذا قتل ولم يأخذ المال قتل ، وإن هو لم يأخذ المال ولم يقتل نفي .

261 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عمران بن حدير ، عن أبي مجلز مثل قول ابن عباس هذا

التالي السابق


الخدمات العلمية