صفحة جزء
[ ص: 146 ] فصل واتفق العلماء على أن الحكم المأمور به إذا عمل به ثم نسخ بعد ذلك أن النسخ يقع صحيحا جائزا ، واختلفوا هل يجوز نسخ الحكم قبل العمل به فظاهر كلام أحمد : جواز ذلك وهو اختيار عامة أصحابنا ، وكان أبو الحسن التميمي ، يقول: لا يجوز ذلك وهو قول أصحاب أبي حنيفة ، واحتج الأولون بأن الله تعالى أمر إبراهيم بذبح ولده ، ثم نسخ ذلك بالفداء قبل فعله ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فرض عليه وعلى أمته ليلة المعراج خمسون صلاة ، ثم نسخ ذلك بخمس صلوات ، ومن جهة المعنى: فإن الأمر بالشيء يقع فيه تكليف الإيمان به والاعتقاد له ، ثم تكليف العزم على [ ص: 147 ] فعله في الزمان الذي عين له ، ثم إذا فعله على الوجه المأمور به ، فجاز أن ينسخ قبل الأداء ، لأنه لم يفقد من لوازمه غير الفعل ، والنية نائبة عنه .

واحتج من منع من ذلك ، بأن الله تعالى إنما يأمر عباده بالعبادة ، لكونها حسنة فإذا أسقطها قبل فعلها ، خرجت عن كونها حسنة وخروجها قبل الفعل يؤدي إلى البداء .

وهذا كلام مردود بما بينا من الإيمان والامتثال ، والعزم يكفي في تحصيل المقصود ، من التكليف بالعبادة .

[ ص: 148 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية