صفحة جزء
[ ص: 221 ] فصل ثم اختلف القائلون ، بإيجاب الوصية ونسخها بعد ذلك في المنسوخ من الآية على ثلاثة أقوال: أحدها: أن جميع ما في الآية من إيجاب الوصية منسوخ ، قاله ابن عباس رضي الله عنهما .

" أخبرنا عبد الوهاب الحافظ ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا: أخبرنا ابن شاذان ، قال: أبنا أحمد بن كامل ، قال: أبنا محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، قال: حدثني أبي ، عن جدي ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ، قال: نسخت الفريضة التي للوالدين والأقربين الوصية " [ ص: 222 ] أخبرنا ابن ناصر ، قال: أبنا ابن أيوب ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا أبو بكر النجاد ، قال: أبنا أبو داود السجستاني ، قال: أبنا الحسن بن محمد ، وأخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أبنا عمر بن عبيد الله البقال ، قال: أبنا علي بن محمد بن بشران ، قال: أبنا إسحاق بن أحمد الكاذي ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي ، قال: أبنا حجاج ، قال: [ ص: 223 ] أبنا ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ، نسختها: للرجال نصيب مما ترك الوالدان الآية أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، قال: أبنا محمد بن مرزوق ، قال: أبنا أبو بكر الخطيب ، قال: أبنا ابن رزق ، قال: أبنا أحمد بن سلمان ، قال: أبنا أبو داود ، قال: أبنا أحمد بن محمد ، هو المروزي ، قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث [ ص: 224 ] أخبرنا أبو بكر العامري ، قال: أبنا علي بن الفضل ، قال: أبنا ابن عبد الصمد ، قال: أبنا ابن حموية ، قال: أبنا إبراهيم بن خريم ، قال: أبنا عبد الحميد ، قال: أبنا النضر بن شميل ، قال: أبنا ابن عون ، عن ابن سيرين ، قال: " كان ابن عباس يخطب ، فقرأ هذه الآية: إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ، فقال: هذه نسخت قال عبد الحميد ، وحدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن حماد الحنفي ، عن جهضم ، عن عبد الله بن بدر الحنفي ، قال: " سمعت ابن عمر يسأل عن هذه الآية: الوصية للوالدين والأقربين ، قال: نسختها آية المواريث قال عبد الحميد : وحدثنا يحيى بن آدم ، عن محمد بن الفضيل ، عن أشعث ، عن الحسن " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ، قال: نسختها آية الفرائض [ ص: 225 ] قال عبد الحميد : وأخبرني شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال: " كان الميراث للولد ، والوصية للوالدين والأقربين ، فهي منسوخة ، وكذلك قال سعيد بن جبير : إن ترك خيرا الوصية ، قال: نسخت .

القول الثاني: أنه نسخ منها الوصية للوالدين .

" أخبرنا عبد الوهاب ، قال: أبنا أبو ظاهر الباقلاوي ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين ، قال: أبنا آدم ، عن الورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " إن ترك خيرا الوصية ، قال: كان الميراث للولد ، والوصية للوالدين والأقربين ثم نسخ منه " الوالدين .

[ ص: 226 ] أخبرنا إسماعيل ، قال: أبنا أبو الفضل البقال ، قال: أبنا ابن بشران ، قال: أبنا إسحاق الكاذي ، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي ، قال: أبنا أسود بن عامر ، قال: أبنا إسرائيل ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال: " كانت الوصية للوالدين فنسختها آية الميراث ، وصارت " الوصية للأقربين قال أحمد : وحدثنا أبو داود ، عن زمعة ، عن طاوس ، عن أبيه ، قال: " نسخت الوصية عن الوالدين ، وجعلت للأقربين قال أبو داود : وحدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، قال: سألت العلاء بن زياد ، ومسلم بن يسار ، عن الوصية ، فقالا: " هي للقرابة

[ ص: 227 ] القول الثالث: أن الذي نسخ من الآية الوصية لمن يرث ، ولم ينسخ الأقربون الذين لا يرثون ، رواه عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو قول الحسن ، والضحاك ، وأبي العالية .

" أخبرنا أبو بكر العامري ، قال: أبنا علي بن الفضل ، قال: أبنا ابن عبد الصمد ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد ، قال: أبنا إبراهيم بن خريم ، قال: أبنا عبد الحميد ، قال: أبنا مسلم بن إبراهيم ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، قال: " أمر أن يوصي لوالديه ، وأقربيه ، ثم نسخ الوالدين وألحق لكل ذي ميراث نصيبه منها ، وليست لهم منه وصية ، فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أبنا أبو الفضل البقال ، قال: أبنا أبو الحسن بن بشران ، قال: أبنا إسحاق الكاذي ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا هشيم ، قال: أبنا يونس ، عن الحسن ، قال: " كانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ ذلك ، وأثبتت لهما نصيبهما [ ص: 228 ] في سورة النساء ، وصارت الوصية للأقربين الذين لا يرثون ، ونسخ من الأقربين كل وارث قال أحمد : وحدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ، قال: أمر الله أن يوصي لوالديه وأقربائه ، ثم نسخ ذلك في سورة النساء فألحق لهم نصيبا معلوما ، وألحق لكل ذي ميراث نصيبه منه وليس لهم وصية ، فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو بعيد أخبرنا أبو بكر العامري ، قال: أبنا علي بن الفضل ، قال: أبنا ابن عبد الصمد ، قال: أبنا ابن حموية ، قال: أبنا إبراهيم ، قال: أبنا عبد الحميد ، قال: أبنا يحيى بن آدم ، قال: أبنا إسماعيل بن عياش ، قال: أبنا شرحبيل بن مسلم ، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي ، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : [ ص: 229 ] " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث .

[ ص: 230 ] ذكر الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم أما قوله: كتب ، فمعناه فرض والذين من قبلنا ، هم أهل الكتاب ، وفي كاف التشبيه في قوله: كما ، ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ترجع إلى حكم الصوم وصفته لا إلى عدده .

" أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق ، قال: أبنا محمد بن مرزوق ، قال: أبنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أبنا عبد الله بن يحيى السكري ، قال: أبنا جعفر الخلدي ، وقال: أبنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد ، قال: أبنا أبي ، قال: أبنا يونس بن راشد ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وأخبرنا إسماعيل بن أحمد ، وقال: أبنا أبو الفضل البقال ، قال: أبنا أبو الحسين بن بشران ، قال: أبنا إسحاق الكاذي ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، قال: أبنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولم يذكر عكرمة [ ص: 231 ] ، قال: " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم يعني بذلك: أهل الكتاب ، وكان كتابه على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أن الرجل كان يأكل ويشرب ، وينكح ، ما بينه وبين أن يصلي العتمة ، أو يرقد وإذا صلى العتمة أو رقد منع ذلك إلى مثلها ، فنسختها هذه الآية: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم أخبرنا محمد بن أبي منصور ، قال: أبنا علي بن أبي أيوب ، قال: أبنا أبو علي بن شاذان ، قال: أخبرنا أبو بكر النجاد ، قال: أبنا أبو داود السجستاني ، قال: أبنا نصر بن علي ، قال: أبنا أبو أحمد ، قال: أبنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال: " كان الرجل إذا صام فنام لم يأكل إلى [ ص: 232 ] مثلها من القابلة ، وأن قيس بن صرمة ، أتى امرأته ، وكان صائما ، فقال: عندك شيء ؟ قالت لعلي : أذهب فأطلب لك ، فذهبت وغلبته عينه فجاءت ، فقالت: خيبة لك ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ، إلى قوله: من الفجر .

وقال سعيد بن جبير : كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم لم يحل له أن يطعم إلى القابلة ، والنساء عليهم حرام ليلة الصيام ، وهو عليهم ثابت وقد أرخص لكم ، فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة ، بقوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية ، وقد روي أن قيس بن صرمة أكل بعدما نام ، وأن عمر بن الخطاب جامع زوجته بعد أن نامت ، فنزل فيهما ، قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية .

[ ص: 233 ] القول الثاني: أنها ترجع إلى عدد الصوم لا إلى صفته ، ولأرباب هذا القول في ذلك ثلاثة أقوال: أما الأول:

" فأخبرنا أبو بكر بن حبيب ، قال: أبنا علي بن الفضل العامري ، قال: أبنا ابن عبد الصمد ، قال: أبنا ابن حموية ، قال: أبنا إبراهيم بن خريم ، قال: حدثنا عبد الحميد ، قال: أبنا هاشم بن القاسم ، قال: أبنا محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: " كتب على النصارى الصيام كما كتب عليكم ، فكان أول أمر النصارى أن قدموا يوما ، قالوا: حتى لا نخطئ ، قال: ثم آخر أمرهم صار إلى أن قالوا: نقدمه عشرا ونؤخر عشرا حتى لا نخطئ ، فضلوا ، وقال دغفل بن حنظلة : كان على النصارى صوم رمضان فمرض ملكهم ، فقالوا: إن شفاه الله تعالى لنزيدن [ ص: 234 ] عشرة ، ثم كان بعده ملك آخر فأكل اللحم فوجع فوه ، فقال: إن شفاه ليزيدن سبعة أيام ، ثم ملك بعده ملك ، فقال: ما ندع من هذه الثلاثة الأيام أن نتمها ، ونجعل صومنا في الربيع ، ففعل فصارت خمسين يوما وروى السدي عن أشياخه ، قال: اشتد على النصارى صيام رمضان ، وجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف ، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف ، وقالوا نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا ، فجعلوا صيامهم خمسين يوما فعلى هذا البيان الآية محكمة غير منسوخة .

التالي السابق


الخدمات العلمية