صفحة جزء
[ ص: 335 ] 3- باب: ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة النساء وهي ست وعشرون

ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف اتفق العلماء على أن الوصي الغني لا يحل له أن يأكل من مال اليتيم شيئا ، وقالوا: معنى قوله: فليستعفف أي: بمال نفسه عن مال اليتيم ، فإن كان فقيرا فلهم في المراد بأكله بالمعروف أربعة أقوال: أحدها: أنه الاستقراض منه ، روى حارثة بن مضرب ، قال: سمعت عمر ، يقول: إني أنزلت مال الله مني بمنزلة اليتيم إن استغنيت استعففت ، وإن افتقرت أكلت بالمعروف ثم قضيت .

[ ص: 336 ] " أخبرنا عبد الوهاب الحافظ ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا: أبنا أبو علي بن شاذان ، قال: أبنا أحمد بن كامل ، قال: أبنا محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني عمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " فليأكل بالمعروف ، قال: يستقرض منه فإذا وجد ميسرة فليقض ما يستقرض ، فذلك أكله بالمعروف أخبرنا عبد الوهاب ، قال: أبنا أبو طاهر ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين ، قال: أبنا آدم ، قال: أبنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال: " يأكل بالمعروف: يعني: سلفا من مال يتيمه .

وهذا القول مذهب عبيدة السلماني ، وأبي وائل ، وسعيد بن جبير ، وأبي العالية ، ومقاتل ، وقد حكى الطحاوي ، عن أبي حنيفة مثله ، وروى يعقوب بن حيان ، عن أحمد بن حنبل مثله [ ص: 337 ] القول الثاني: أن الأكل بالمعروف أن يأكل من غير إسراف .

" أخبرنا ابن الحصين ، قال: أبنا ابن غيلان ، قال: أبنا أبو بكر الشافعي ، قال: أبنا إسحاق بن الحسن ، قال: أبنا موسى بن مسعود ، قال: أبنا الثوري ، قال: أبنا سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم " ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ، قال: ما سد الجوع ، ويواري العورة .

وقد روى عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قال: الوصي إذا احتاج وضع يده مع أيديهم ، ولا يلبس عمامة .

وقال الحسن ، وعطاء ، ومكحول : يأخذ ما يسد الجوع ، ويواري العورة ، ولا يقضي إذا وجد ، قال عكرمة والسدي : يأكل بأطراف أصابعه ، ولا يسرف في الأكل ولا يكتسي منه ، وهذا مذهب قتادة .

[ ص: 338 ] والقول الثالث: أنه يقول: مال اليتيم بمنزلة الميتة ، يتناول منه عند الضرورة ، فإذا أيسر قضاه وإن لم يوسر فهو في حل ، قاله الشعبي .

وأخبرنا عبد الوهاب ، قال: أبنا أبو طاهر الباقلاوي ، وقال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين ، قال: أبنا آدم ، قال: أبنا ورقاء ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: " يأكل والي اليتيم من مال اليتيم قوته ، ويلبس منه ما يستره ، ويشرب فضل اللبن ، ويركب فضل الظهر ، فإن أيسر قضاه ، وإن أعسر كان في حل .

فهذه الأقوال الثلاثة تدل على جواز الأخذ عند الحاجة ، وإن اختلف أربابها في القضاء .

القول الرابع: أن الأكل بالمعروف أن يأخذ الولي بقدر أجرته إذا عمل لليتيم عملا ، وروى القاسم بن محمد : أن رجلا أتى ابن عباس ، فقال: ليتيم لي إبل فما لي من إبله ؟ ، قال: إن كنت تلوظ حياضها ، وتهنأ جرباها ، وتبغي ضالتها ، وتسعى عليها ، فاشرب غير ناهك بحلب ولا ضار بنسل .

[ ص: 339 ] " أخبرنا عبد الوهاب ، قال: أبنا أبو طاهر ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين ، قال: أبنا آدم ، قال: أبنا ورقاء ، عن ابن نجيح ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال: " يضع يده مع أيديهم ، ويأكل معهم بقدر خدمته وقدر عمله " .

وقد روى أبو طالب ، وابن منصور ، عن أحمد بن حنبل مثل هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية