صفحة جزء
[ ص: 491 ] 13- باب: ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة النحل

ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا اختلف المفسرون بالمراد بالسكر على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الخمر: قاله ابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس رضي الله عنهم .

" أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أبنا أبو الفضل البقال ، قال: أبنا أبو الحسن بن بشران ، قال: أبنا إسحاق الكاذي ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " تتخذون منه سكرا ، قال: النبيذ فنسختها: إنما الخمر والميسر ، الآية أخبرنا ابن ناصر ، قال: أبنا ابن أيوب ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا أبو بكر النجاد ، قال: بنا أبو داود السجستاني ، قال: أبنا حفص بن [ ص: 492 ] عمر ، قال: أبنا شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، والشعبي ، وأبي رزين ، أنهم قالوا: " تتخذون منه سكرا قالوا: هذه منسوخة أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر ، قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس ، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود ، قال: أبنا عبد الله بن الصباح ، قال: أبنا أبو علي الحنفي ، قال: أبنا إسرائيل ، عن أبي الهيثم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله: " تتخذون منه سكرا ، قال: الخمر أخبرنا عبد الوهاب الحافظ ، قال: أبنا أبو طاهر الباقلاوي ، قال: أبنا أبو علي بن شاذان ، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين ، قال: أبنا آدم ، قال: أبنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " تتخذون منه سكرا ، قال: السكر: الخمر قبل تحريمها " .

وهذا قول الحسن ، وابن [ ص: 493 ] أبي ليلى ، والزجاج ، وابن قتيبة ، ومذهب أهل هذا القول أن هذه الآية نزلت إذ كانت الخمر مباحة ثم نسخت بقوله: فاجتنبوه ، ومن صرح بأنها منسوخة سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، والنخعي ، ويمكن أن يقال على هذا القول ليست بمنسوخة ، ويكون المعنى: أنه خلق لكم هذه الثمار لتنتفعوا بها على وجه مباح ، فاتخذتم أنتم منها ما هو محرم عليكم ، ويؤكد هذا أنها خبر والأخبار لا تنسخ ، وقد ذكر نحو هذا المعنى الذي ذكرته أبو الوفاء بن عقيل ، فإنه قال: ليس في الآية ما يقتضي إباحة السكر ، إنما هي معاتبة وتوبيخ .

والقول الثاني: أن السكر الخل بلغة الحبشة ، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما .

وأخبرنا المبارك بن علي ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر ، قال: أبنا محمد بن إسماعيل ، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود ، قال: أبنا محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن [ ص: 494 ] الحسن بن عطية ، عن أبيه ، عن عطية ، قال: قال ابن عمر أن الحبشة يسمون الخل السكر ، وقال الضحاك: هو الخل بلسان اليمن والثالث: أن السكر الطعم ، يقال: هذا له سكر أي طعم وأنشدوا:

جعلت عنب الأكرمين سكرا

.

قاله: أبو عبيدة ، فعلى هذين القولين الآية محكمة .

ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين ، [ ص: 495 ] قال كثير من المفسرين: إنها منسوخة بآية السيف ، وقد بينا في نظائرها أنه لا حاجة بنا إلى ادعاء النسخ في مثل هذه .

ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: وجادلهم بالتي هي أحسن اختلف المفسرون في هذه الآية على أربعة أقوال: أحدها: أن المعنى جادلهم بالقرآن .

والثاني: بلا إله إلا الله ، والقولان عن ابن عباس رضي الله عنهما .

والثالث: أعرض عن أذاهم إياك .

" أخبرنا عبد الوهاب الأنماطي ، قال: أبنا أبو طاهر ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال: أبنا إبراهيم الحسين ، قال: أبنا آدم ، قال: أبنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وجادلهم بالتي هي أحسن قال: يقول أعرض عن أذاهم إياك .

[ ص: 496 ] والرابع: جادلهم غير فظ ولا غليظ وألن لهم جانبك ، قاله الزجاج ، وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن هذه الآية منسوخة بآية السيف وفيه بعد ، لأن المجادلة لا تنافي القتال ، ولم يقل له ، اقتصر على جدالهم ، فيكون المعنى جادلهم فإن أبوا فالسيف فلا يتوجه نسخ .

ذكر الآية الرابعة: قوله تعالى: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين للمفسرين في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها نزلت قبل براءة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يقاتل من قاتله ، ولا يبدأ بالقتال ، ثم نسخ ذلك وأمر بالجهاد ، قاله ابن عباس والضحاك .

[ ص: 497 ] " أخبرنا عبد الوهاب ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا: أبنا أبو علي بن شاذان ، قال: أبنا أحمد بن كامل ، قال: حدثني محمد بن سعد ، قال: أبي، قال: حدثني عمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ، فقال: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقاتل من قاتله ، ثم نزلت براءة ، فهذا من المنسوخ ، فعلى هذا القول ، يكون المعنى: ولئن صبرتم عن القتال ، ثم نسخ هذا بقوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم والثاني: أنها محكمة ، وأنها نزلت: فيمن ظلم ظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال الظلم منه ، قاله الشعبي ، والنخعي ، وابن سيرين ، والثوري .

" أخبرنا عبد الوهاب ، قال: أبنا أبو طاهر ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال: أبنا إبراهيم بن الحسين ، قال: بنا آدم ، قال: بنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ، يقول: لا تعتدوا ، يعني: محمدا وأصحابه ، وعلى هذا القول يكون المعنى ولئن صبرتم على المثلة لا عن القتال ، وهذا أصح من القول الأول .

[ ص: 498 ] ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم هذه الآية متعلقة بالتي قبلها فحكمها حكمها ، وقد زعم بعض المفسرين أن الصبر هاهنا منسوخ بآية السيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية