صفحة جزء
[ ص: 507 ] 16- باب: ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة مريم

ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: وأنذرهم يوم الحسرة زعم بعض المغفلين من ناقلي التفسير ، أن الإنذار منسوخ بآية السيف وهذا تلاعب من هؤلاء بالقرآن ، ومن أين يقع التنافي بين إنذارهم القيامة ، وبين قتالهم في الدنيا .

ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: فسوف يلقون غيا زعم بعض الجهلة أنه منسوخ بالاستثناء بعده ، وقد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ .

ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: وإن منكم إلا واردها [ ص: 508 ] زعم ذلك الجاهل أنها نسخت بقوله: ثم ننجي الذين اتقوا ، وهذا من أفحش الإقدام على الكلام في كتاب الله سبحانه بالجهل ، وهل بين الآيتين تناف ؟ ! فإن الأولى تثبت أن الكل يردونها ، والثانية تثبت أنه ينجو منهم من اتقى ، ثم هما خبران والأخبار لا تنسخ .

ذكر الآية الرابعة: قوله تعالى: قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا وزعم ذلك الجاهل ، أنها منسوخة بآية السيف ، وهذا باطل ، قال الزجاج : هذه الآية لفظها لفظ أمر ، ومعناها الخبر ، والمعنى: إن الله تعالى جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها ، وعلى هذا لا وجه للنسخ .

ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا [ ص: 509 ] زعم بعض المفسرين: أنها منسوخة بآية السيف ، وهذا ليس بصحيح ، لأنه إن كان المعنى لا تعجل بطلب عذابهم الذي يكون في الآخرة ، فإن المعنى أن أعمارهم سريعة الفناء ، فلا وجه للنسخ ، وإن كان المعنى ، ولا تعجل بطلب قتالهم ، فإن هذه السورة نزلت بمكة ولم يؤمر حينئذ بالقتال ، فنهيه عن الاستعجال بطلب القتال واقع في موضعه ، ثم أمره بقتالهم بعد الهجرة لا ينافي النهي عن طلب القتال بمكة ، فكيف يتوجه النسخ ، فسبحان من قدر وجود قوم جهال يتلاعبون بالكلام في القرآن ، ويدعون نسخ ما ليس بمنسوخ ، وكل ذلك من سوء الفهم ، نعوذ بالله منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية