صفحة جزء
ثم قال ( والكفارة مثل كفارة الظهار ) لما روينا ، ولحديث { الأعرابي فإنه قال : يا رسول الله هلكت وأهلكت . فقال : ماذا صنعت . قال : واقعت امرأتي في نهار رمضان متعمدا ، فقال صلى الله عليه وسلم : أعتق رقبة . فقال : لا أملك إلا رقبتي هذه ، فقال : صم شهرين متتابعين . فقال : وهل جاءني ما جاءني إلا من الصوم فقال : أطعم ستين مسكينا . فقال : لا أجد ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتى بفرق من تمر . ويروى بعرق فيه خمسة عشر صاعا ، وقال : فرقها على المساكين فقال : والله ما بين لابتي المدينة أحد أحوج مني ومن عيالي ، فقال : كل أنت وعيالك ، يجزيك ولا يجزي أحدا بعدك } ، وهو حجة على الشافعي في قوله يخير لأن مقتضاه الترتيب وعلى مالك في نفي التتابع للنص عليه .


( قوله : ولحديث الأعرابي ) في الكتب الستة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : { أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم قال : هلكت ، قال : ما شأنك ؟ قال : وقعت على امرأتي في رمضان ، قال : فهل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال لا . قال : فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال : لا ، قال اجلس ، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال : تصدق به ، قال : على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها يريد الحرتين ، أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك عليه الصلاة والسلام حتى بدت ثناياه وفي لفظ أنيابه وفي لفظ نواجذه ، ثم قال : خذه فأطعمه أهلك } وفي لفظ لأبي داود زاد الزهري : وإنما كان هذا رخصة له خاصة ، ولو أن رجلا قال ذلك اليوم لم تكن له بد من التكفير . قال المنذري : قول الزهري ذلك دعوى لا دليل عليها ، وعن ذلك ذهب سعيد بن جبير إلى عدم وجوب الكفارة على من أفطر في رمضان بأي شيء أفطر .

قال : لانتساخه بما في آخر الحديث بقوله { كلها أنت وعيالك } ا هـ . وجمهور العلماء على قول الزهري ، وما رفع المصنف قوله { يجزيك [ ص: 341 ] ولا يجزي أحدا بعدك } فلم ير في شيء من طرقه ، وكذا لم يوجد فيها لفظ الفرق بالفاء بل بالعين . وهو مكتل يسع خمسة عشر صاعا على ما قيل . قلنا : وإن لم يثبت فغاية الأمر أنه أخر عنه إلى الميسرة إذ كان فقيرا في الحال عاجزا عن الصوم بعدما ذكر له ما يجب عليه . كذا قال الشافعي وغيره .

والظاهر أنه خصوصية لأنه وقع عند الدارقطني في هذا الحديث { فقد كفر الله عنك } ، ولفظ وأهلكت ليس في الكتب الستة ، لكن أخرج الدارقطني عن أبي ثور : حدثنا معلى بن منصور . حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال { جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت وأهلكت } الحديث .

قال : تفرد أبو ثور عن معلى بن منصور عن ابن عيينة بقوله " وأهلكت " وأخرجه البيهقي عن جماعة عن الأوزاعي عن الزهري وفيه " وأهلكت " . وقال : ضعف شيخنا أبو عبد الله الحاكم هذه اللفظة ، وكافة أصحاب الأوزاعي رووه عنه دونها . واستدل الحاكم على أنها خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف ابن منصور فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة وأن كافة أصحاب سفيان رووه دونها

التالي السابق


الخدمات العلمية