صفحة جزء
قال ( ولا يغطي وجهه ولا رأسه ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى : يجوز للرجل تغطية الوجه لقوله عليه الصلاة والسلام { إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها } . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { لا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } قاله في محرم توفي [ ص: 442 ] ولأن المرأة لا تغطي وجهها مع أن في الكشف فتنة فالرجل بالطريق الأولى . وفائدة ما روي الفرق في تغطية الرأس .


( قوله لقوله عليه الصلاة والسلام { إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها } ) رواه الدارقطني والبيهقي موقوفا على ابن عمر ، وقول الصحابي عندنا حجة إذا لم يخالف وخصوصا فيما لم يدرك بالرأي .

واستدل الشافعي أيضا بما أسنده من حديث إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقص : خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه } .

وإبراهيم هذا وثقه ابن معين وأحمد وأبو حاتم . وأخرج الدارقطني في العلل عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان بن عفان عن عثمان رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخمر وجهه وهو محرم } قال : والصواب أنه موقوف ، وروى مالك في الموطأ عن القاسم بن محمد قال : أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج يغطي وجهه وهو محرم . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن رجلا وقصته راحلته } ، وفي رواية : { فأقعصته وهو محرم فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر وكفنوه ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } أفاد أن للإحرام أثرا في عدم تغطية الوجه وإن كان أصحابنا قالوا لو مات المحرم يغطى وجهه لدليل آخر نذكره إن شاء الله تعالى .

ورواه الباقون ولم يذكروا فيه الوجه ، فلذا قال الحاكم : فيه تصحيف فإن الثقات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته عنه { ولا تغطوا رأسه } وهو المحفوظ .

ودفع بأن الرجوع إلى مسلم والنسائي أولى منه إلى الحاكم ، فإنه كان يهم رحمه الله كثيرا ، وكيف يقع التصحيف ولا مشابهة بين حروف الكلمتين ، ثم مقتضاه أن يقتصر على ذكر الرأس وهي رواية في مسلم ، لكن في الرواية الأخرى جمع بينهما فتكون تلك اقتصارا من الراوي ، فيقدم على معارضه من مروي الشافعي ، لأنه أثبت سندا ، وفي فتاوى قاضي خان : لا بأس بأن يضع يده على أنفه ، ولا يغطي فاه ولا ذقنه ولا عارضه ، فيجب حمل التغطية المروية عمن ذكرنا من الصحابة على مثله [ ص: 442 ] يعني على أنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يغطي أنفه بيده فوارت بعض أجزائه إطلاقا لاسم الكل على الجزء جمعا ( قوله وفائدة ما روي الفرق ) بين الرجل والمرأة ( في تغطية الرأس ) أي إحرامه في رأسه فيكشفه وإحرامها في وجهها فتكشفه ، ففي جانبها قيد فقط مراد ، وفي جانبه معنى لفظ أيضا مراد .

التالي السابق


الخدمات العلمية