صفحة جزء
( و ) لا بأس بأن ( يستظل بالبيت والمحمل ) وقال مالك : يكره أن يستظل بالفسطاط وما أشبه ذلك ، لأنه يشبه تغطية الرأس . ولنا أن عثمان رضي الله عنه كان يضرب له [ ص: 445 ] فسطاط في إحرامه ولأنه لا يمس بدنه فأشبه البيت . ولو دخل تحت أستار الكعبة حتى غطته ، إن كان لا يصيب رأسه ولا وجهه فلا بأس به لأنه استظلال


( قوله وقال مالك رحمه الله : يكره أن يستظل ) وبه قال أحمد رحمه الله ، وبقولنا قال الشافعي رحمه الله ، وذكر المصنف رحمه الله عن عثمان رضي الله عنه " أنه كان يضرب له فسطاط " في مسند ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع حدثنا الصلت عن عقبة بن صهبان قال " رأيت عثمان رضي الله عنه بالأبطح وإن فسطاطه مضروب وسيفه معلق بالشجرة " ا هـ .

ذكره في باب المحرم يحمل السلاح ، والظاهر أن الفسطاط إنما يضرب للاستظلال . واستدل أيضا بحديث أم الحصين في مسلم { حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة } الحديث .

وفي لفظ مسلم { والآخر رافع ثوبه على رأس النبي صلى الله عليه وسلم يظله من الشمس } ودفع بتجويز كون هذا الرامي في قوله { حتى رمى جمرة العقبة } كان في غير يوم النحر في اليوم الثاني أو الثالث فيكون بعد إحلاله ، اللهم إلا أن يثبت من ألفاظه جمرةالعقبة يوم النحر ، وحينئذ يبعد ويكون منقطعا باطنا . وإن كان السند صحيحا من جهة أن رميها يوم النحر يكون أول النهار في وقت لا يحتاج فيه إلى تظليل ، فالأحسن الاستدلال بما في الصحيحين من حديث جابر الطويل حيث قال فيه { فأمر بقية من [ ص: 445 ] شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزلها } الحديث ، ونمرة بفتح النون وكسر الميم موضع بعرفة .

وروى ابن أبي شيبة : حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال " خرجت مع عمر رضي الله عنه فكان يطرح النطع على الشجرة فيستظل به " يعني وهو محرم . ( قوله : إن كان لا يصيب رأسه ولا وجهه ) يفيد أنه إن كان يصيب يكره ، وهذا لأن التغطية بالمماسة يقال لمن جلس في خيمة ونزع ما على رأسه جلس مكشوف الرأس ، وعلى هذا قالوا : لا يكره له أن يحمل نحو الطبق والإجانة والعدل المشغول بخلاف حمل الثياب ونحوها ، لأنها تغطى عادة فيلزم بها الجزاء

التالي السابق


الخدمات العلمية