صفحة جزء
قال ( ويستلم الحجر كلما مر به إن استطاع ) لأن أشواط الطواف كركعات الصلاة ، فكما يفتتح كل ركعة بالتكبير يفتتح كل شوط باستلام الحجر . وإن لم يستطع الاستلام استقبل وكبر وهلل على ما ذكرنا ( ويستلم الركن اليماني ) وهو حسن في ظاهر الرواية ، وعن محمد رحمه الله أنه سنة ، ولا يستلم غيرهما فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يستلم هذين الركنين [ ص: 456 ] ولا يستلم غيرهما ( ويختم الطواف بالاستلام ) يعني استلام الحجر .


( قوله ويستلم الحجر كلما مر به ) ذكر في وجهه المعنى دون المنقول وهو إلحاق الأشواط بالركعات فما يفتتح به العبادة وهو الاستلام يفتتح به كل شوط كالتكبير في الصلاة ، وهو قياس شبه لإثبات استحباب شيء وفتح بابه قوله عليه الصلاة والسلام { الطواف بالبيت صلاة } لكن فيه المنقول وهو ما في مسند أحمد والبخاري وغيره { أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر } ( قوله وإن لم يستطع الاستلام ) أي كلما مر ( استقبل وكبر وهلل ) ولم يذكر المصنف ولا كثير رفع اليدين في كل تكبير يستقبل به في كل مبدإ شوط ، فإن لاحظنا ما رواه من قوله عليه الصلاة والسلام { لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن ينبغي أن ترفع للعموم في استلام الحجر } وإن لاحظنا عدم صحة هذا اللفظ فيه وعدم تحسينه بل القياس المتقدم لم يفد ذلك إذ لا رفع مع ما به الافتتاح فيها إلا في الأول ، واعتقادي أن هذا هو الصواب ولم أر عنه عليه الصلاة والسلام خلافه .

( قوله وعن محمد أنه سنة ) هذا هو مقابل ظاهر الرواية في قوله ، وهو حسن في ظاهر الرواية ، ويقبله مثل الحجر .

وحديث ابن عمر من رواية الجماعة إلا الترمذي { لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يمس من الأركان إلا اليمانيين } ليس حجة على ظاهر الرواية كما قد يتوهم ، إذ ليس فيه سوى إثبات رؤية استلامه عليه الصلاة والسلام للركنين ، ومجرد ذلك لا يفيد كونه على وجه المواظبة ولا سنة دونها غير أنا علمنا المواظبة على استلام الأسود من خارج ، فقلنا باستنانه فيكون مجرد حديث ابن عمر دليل ظاهر الرواية . وكذا ما في مسلم عن ابن عمر " ما تركت استلام [ ص: 456 ] هذين الركنين اليماني والحجر الأسود منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما " فإنه لا يزيد على أنه رآه يستلمه فلم يتركه هو ، وذلك قد يكون محافظة منه على الأمر المستحب ، وكذا ما عن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال " مسح الركن اليماني والركن الأسود يحط الخطايا حطا " رواه أحمد والنسائي قال : هذا ندب ، والمندوب من المستحب .

نعم ما في الدارقطني عن ابن عمر " كان عليه الصلاة والسلام يقبل الركن اليماني ويضع يده عليه " وأخرجه عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال " ويضع خده عليه " ظاهر في المواظبة .

وأظهر منه ما عن ابن عمر " كان عليه الصلاة والسلام لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه " رواه أحمد وأبو داود وعن مجاهد " من وضع يده على الركن اليماني ثم دعا استجيب له " وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال " وكل بالركن اليماني سبعون ألف ملك ، فمن قال : اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا : آمين " .

ويستحب الإكثار من هذا الدعاء لأنه جامع لخيرات الدنيا والآخرة

التالي السابق


الخدمات العلمية